: آخر تحديث

قمة الإعلام والطريق إلى شرق أوسط جديد

8
5
5

محمد الرميحي

في الأسبوع الماضي، عقدت قمة الإعلام في مدينة دبي، وهو تجمع سنوي يستقطب عدداً كبيراً من المتخصصين. وهو جزء من القوة الناعمة للإمارات، التي تستقطب في أكثر من ملتقى نخباً إقليمية وعالمية تناقش أوضاع العالم من زوايا مختلفة، ولأغراض مختلفة.

هذا العام اهتم المنظمون بمناقشة العالم في طور متغير، وموقع العرب فيه، وكان من نجوم المتحدثين في الجلسات العامة رئيس وزراء لبنان، ووزير الاقتصاد السوري، وشيخ الأزهر، بجانب عدد من المتحدثين في الجلسات الفرعية، التي كانت زاخرة بالموضوعات الحيوية.

الوعي بتغير العالم السريع والعلاقات الدولية ودور العرب في هذا التغير، جعل محور التغير في لبنان وفي سوريا صلب الحديث، وساعد على الفهم الأعمق لذلك التحول، السقف العالي من حرية المناقشة في كل الجلسات. بعد أكثر من عشرين شهراً من الحرب الشرسة في غزة، وهي حرب لم يشهد العالم مثيلاً لها في البشاعة والقسوة، ظنت إسرائيل أنها «تغيّر الشرق الأوسط».

إن كانت إسرائيل ترغب في تغيير منطقة الشرق الأوسط كما تقول، فإنها لا تستطيع أن تفعل، هي يمكن أن تزعزع بعص أركان الشرق الأوسط القديم، أما بناء شرق أوسط جديد، فلقد تبين أن العرب، وفي قلبهم دول الخليج، خصوصاً محور الرياض – أبوظبي، قادرون على بناء شرق أوسط جديد، من خلال تقديم النموذج الناجح، ذلك ما تشعر أنه هدف اللقاء النهائي في القمة، لأنه يعرض النماذج الناجحة ويضيء المسار.

التغير في لبنان وفي سوريا يحتاج إلى دعم ومساندة من أجل أن يتعافى، ويلحق بركب التنمية، لذلك كان هناك رئيس وزراء لبنان، ووزير الاقتصاد السوري، والدعم الذي يجب أن يقدمه الإسلام المستنير، كان ممثلاً في فضيلة الإمام شيخ الأزهر، الذي خُصص له لقاءان في القمة، الأول خاص اقتصر على بضع عشرات من المدعوين، والآخر في الجلسة العامة. في اللقاء الخاص، وكان يحضره رجال ونساء، سلم فضيلة الإمام على الجميع باليد، وعندما جلس، سألته سيدة من الحضور (لقد لاحظنا أن فضيلتك صافحت الرجال والنساء على السواء) فرد شيخ الأزهر، إن ذلك مباح في الإسلام، وأتى بأمثلة، إلا أن التشدد والغلو حرف الممارسة الإسلامية الصحيحة، وأخرجها عن مقاصدها.

في الجلسة العامة، تحدث معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس دولة الإمارات، وأشار إلى أن العالم يمر بمرحلة انتقالية تحمل الكثير من اللا يقين، وعالمنا العربي منشطر بين مجموعتين، الأولى ترغب في بناء التنمية والعناية بالإنسان، وقد خطت خطوات واسعة في ذلك، وأخرى لا زالت غارقة في الصراعات الداخلية، حتى إن بعضها في حرب أهلية. أمام هذين القطبين، علينا أن نختار، إما شرق أوسط موبوء بالصراعات، أو شرق أوسط مزدهر. الأخير يحتاج إلى عقلانية، وإلى مشروع ينفذ على الأرض.

ذلك المشروع هو الذي عقدت قمة الإعلام من أجل البحث عنه ودعمه، ولن يقوم ذلك الشرق الأوسط الجديد ويتوسع مساره إلا بقيادة عربية تنفذ مشروعاً حضارياً عقلانياً أمام أعين العالم، مشروع يعتمد على العلم الحديث والإيمان غير المشوب بالتشوهات السياسية، والمنقول غير العقلاني، ولا يعادي الآخرين المختلفين في الاجتهاد، وهذا ما يتم في دول الخليج، حيث تشهد عواصمه نهوضاً اقتصادياً اجتماعياً تنموياً، له جاذبية لا يمكن إنكارها في المنطقة، ويشكل مثالاً ناجحاً، يقبل التطور، وينبذ الإقصاء، ويبني الإنسان المتعدد، لا إنسان البعد الواحد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد