: آخر تحديث

تأخرتم كثيرًا!

15
12
10

خالد بن حمد المالك

ظهر أخيراً من الدول الأوروبية ما يشبه الانقلاب على إسرائيل، فقد عُلقت الشراكات، وأُوقف تزويد تل أبيب بالسلاح، وهدَّدت الدول بعقوبات ضد إسرائيل، وارتفعت وتيرة غضب الدول الأوروبية إلى درجة التهديد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

* *

هذا الموقف، وإن جاء متأخراً، وإن تحدث عن دولة فلسطينية يُعترف بها على الورق فقط، إلا أنه يُظهر ملل الدول الأوروبية من مشاهد قتل الأطفال والنساء على أيدي الجزارين الإسرائيليين، وإمعانهم بالاستمرار في القتل، دون استجابة لمطالبة هذه الدول بأن يتوقف القتال.

* *

إسرائيل لم تمهل الدول الأوروبية، أو تغض الطرف عن تصريحات الإدانة الأوروبية لممارسة القتل الممنهج ضد الفلسطينيين، فقد زادت ورفعت سقف عدوانها، متحدية الموقف الأوروبي، متهمة إياهم بمناصرة حماس لإنهاء الوجود الإسرائيلي، بل إنها خاطبت بريطانيا بالقول إن عهد الانتداب انتهى منذ 77 عاماً.

* *

بيان اجتماع الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وكندا) وما تلاه من بيانات لدول أوروبية وغير أوروبية أخرى لم يثن إسرائيل عن الاستمرار في عدوانها على قطاع غزة، وإصرارها على احتلاله كاملاً بالقوة، مستندة في ذلك على ما تدعيه بحقها في تحرير الرهائن، مع أن فرصة تحريرهم تتحقق بالتبادل للأسرى بين الجانبين وبالتوافق دون حرب.

* *

هذه التطورات الإيجابية لكبح جماح عدوان إسرائيل يُنظر إليها على أنها خطوة في الطريق الطويل الشائك، وتغيّر في السياسات الأوروبية في التعاطي مع قضية فلسطين، خاصة مع تجديد تصريحات هذه الدول بأن لا استقرار ولا أمن لإسرائيل دون دولة فلسطينية، ولكن لتفعيل هذا التوجه يجب أن يصاحب ذلك استخدام القوة لا الاكتفاء بالتصريحات.

* *

واستخدام القوة التي نقصدها لا يعني كما قد يفهم بالدخول في حرب مع إسرائيل، وإنما بأخذ قرار ملزم تُصادق عليه الأمم المتحدة ومجلس الأمن بقيام دولة فلسطينية، وفقاً لقرار التقسيم عام 1948م، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والمبادرة العربية التي وافق عليها العرب بما في ذلك السلطة الفلسطينية، وهذا يتطلب أيضاً معاقبة أي مسؤول إسرائيلي يعرقل إرادة المجتمع الدولي، ومنع تزويد إسرائيل بالسلاح، وإيقاف التعاون معها في كل شيء.

* *

والضغط على إسرائيل لقيام الدولة الفلسطينية، لكي يفضي إلى تحقيق ذلك، فيجب منع تل أبيب من الآن من احتلال قطاع غزة، ومن حصاره، ومن استمرار عدوانها عليه، وإسرائيل أضعف من أن تواجه الموقف الدولي الموحّد، متى شعرت بصدقه وجديته وإصراره، وأن قراراته نافذة ولا رجعة عنها.

* *

لقد تعودت إسرائيل على الدلال، ومناصرتها وتعضيدها في كل عدوان جديد تقوم به، وآن الأوان لتغير أمريكا - تحديداً - موقفها من إسرائيل، وهي التي رفضت مؤخراً دعوة الرئيس ترمب بإيقاف القتال، وأصرت على تطهير قطاع غزة من سكانها، في حرب دموية، لا حدود لها.

* *

قطاع غزة تحول إلى مقبرة، وليس إلى سجن كبير كما كان قبل السابع من أكتوبر، وإلى جريمة حرب، لا سابق لها في التاريخ، وكل من ساند العدو بالسلاح والمال، وتعاون معه سياسياً في هذه الجريمة هو شريك في المسؤولية، وضالع في الجريمة، وعليه الآن وليس غداً أن يوقف إسرائيل عن مواصلة عدوانها غير المبرر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد