: آخر تحديث

وماذا بقي بعد؟!

13
11
11

خالد بن حمد المالك

من الطبيعي أن تكون متابعة الكثير من الأخبار مؤذية، ومزعجة، ويشعر من يتابعها بالألم، والحزن، وتأخذه الهواجس حول ما يراه من مشاهد، وصور مبكية، فهذا هو الواقع في قطاع غزة، قتلى، وجرحى، ومشردين، بؤساء، وجوعى، وأطفال ورضّع، ونساء، أجسامهم ممزَّقة بفعل سلاح إسرائيل، وعدوانها على الأبرياء.

* *

وكل الأخبار الرئيسة، والصور، كما هي في المقدمة، هي عن الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يقتلون بدم بارد، ويمنع عنهم الدواء والماء والغذاء، يهجرون عن منازلهم، ويتعمد العدو هدمها ضمن سياسة الأرض المحروقة بتحويل القطاع إلى أرض خالية من المباني، واحتلالها بالكامل، بالقوة الغاشمة.

* *

والعالم، أين هو العالم؟ صمت كما صمت القبور، لا اعتراض على المجازر الإسرائيلية، ولا منعها من حرب الإبادة، ولا التزامها كدولة محتلة باحترام حقوق الشعب المحتل، بما في ذلك عدم تعريضه للموت، بينما تتصرف إسرائيل وكأن لديها رخصة لفعل ما تقوم به من عدوان، وكأن مجلس الأمن في سبات، لا يرى ولا يسمع، وبالتالي لا يقول ولا يفعل، بل وكأنه متواطئٌ مع هذا العدو الوحش الذي يقوم بما يقوم به من جرائم.

* *

نعم، إسرائيل لم تكن لتقوم بما تقوم به، لو أن العالم تضامن ضد جرائمها، ولو أن بعض الدول لم تساعدها وتعاضدها بالسلاح، والدعم السياسي والاقتصادي، وهو ما يتم في العلن، من خلال تصريحات المسؤولين في أمريكا ودول أوروبا، وهو ما لم يحدث مع أي دولة أخرى في تعاملها مع دولة تحتلها، كما هو الوضع في فلسطين.

* *

لقد بلغ العدوان الإسرائيلي، حداً لا يُطاق، ووصلت جرائم إسرائيل بما يفوق التصور، وأصبح الوجود الفلسطيني مهدداً بالقضاء عليه، وكأنهم ليسوا بشراً لهم حقوقهم كاملة في الحياة الحرة الكريمة، أسوة بكل بشر العالم، وليس كما يُرى الآن من استهداف للإنسان الفلسطيني وقتله، طفلاً كان أو رضيعاً أو امرأة أو رجلاً طاعناً في السن.

* *

ويلٌ لهذا العالم الظالم أمام دعمه غير المشروط وغير المحدود لإسرائيل لتقتل الأبرياء في قطاع غزة، ويلٌ لهذا العالم غير الإنساني على هذا الصمت المريب الذي يتغاضى عن جرائم إسرائيل، وعن حربها لإبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما يفهم على أنه تشريع منهم لها لتقتل سكان القطاع كما تشاء، وبمثل ما يُرى عبر وسائل الإعلام.

* *

إن العالم اليوم أمام استجواب إنساني وعاطفي ذاتي أمام غياب الضمير لدى القادرين لإيقاف حمام الدم في قطاع غزة، ومحاسبة للضمائر الغائبة عن المشهد الدموي الذي يسود أرض قطاع غزة، دون وازع من ضمير، أو موقف إنساني يفترض أن يكون حاضراً وفاعلاً قبل خراب غزة، وإبادة مواطنيها.

* *

والآن يعلن نتنياهو توسيع حربه في القطاع، وأن إسرائيل بصدد احتلاله كاملاً، وهناك من يطالب في أمريكا بتهجير مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا، والعمل على تهجير من سوف يبقى من الأحياء في قطاع غزة إلى دول أخرى، ضمن تفريغ غزة من سكانها الفلسطينيين، ووضع اليد الإسرائيلية عليها، مستكملة بذلك مراحل احتلالها لكل فلسطين.

* *

فهل بقي بعد كل هذه الجرائم، والانتقال من مرحلة الضربات العسكرية التي توشك إسرائيل من استكمالها، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة التهجير والاحتلال، ما يمكن أن يُقال عن هذا المخطط الاستعماري، وهذه الحرب الإسرائيلية القذرة، وعن هذا الهدف المشبوه؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد