: آخر تحديث

المسار الليبي الخطير!

4
4
4

خالد بن حمد المالك

ما يجري في ليبيا من حرب أهلية، ومن عدم استقرار منذ مقتل الرئيس الليبي معمر القذافي يدمي القلب، فقد قُتل بشر، وهُدّمت بنية تحتية، وفُقد الأمن، وتراجع الاقتصاد، وسُمح للأجنبي أن يتدخل بالشؤون الداخلية للبلاد، لإذكاء الفتنة، وإضعاف ليبيا، وتعريض مستقبلها للخطر.

* *

وكلّما هدأت الأوضاع خرج ما يؤكد أن النار تحت الرماد، وأن أطماع الدول بخيرات ليبيا حاضرة، وأن هناك من الليبيين من لا تهمه مصلحة ليبيا بقدر ما يهمه سرقتها، وبيعها، والحصول على قيادتها بدعم أجنبي، وكأنه عميل بامتياز في التفريط بحقوق الدولة والشعب.

* *

ما يحدث الآن في طرابلس ينذر بما هو أسوأ، فهذه جولة ضمن جولات سابقة، كلها لا تخدم ليبيا، ولا تهتم بمصالح الليبيين، وإنما هي بين مغامرين، كل طرف من الأطراف يتهم الآخر، وكل فريق يحمل المسؤولية على الفريق المنافس على السلطة، بينما الحلول واضحة، ويمكن تحقيقها لو كانت سيادة الدولة هي ما يهم الجميع.

* *

ولأن الليبيين ليس وارداً حل الإشكال فيما بينهم، فقد لجؤوا إلى الخارج ليتدخل في حل هذا الصراع المستمر، والخلافات المزمنة التي لم تنته، وحتى المبادرات الدولية لم تنجح في توحيد الجيش، وفي إيجاد حكومة واحدة منتخبة تحت إشراف دولي وبرضا وقناعة الجميع، وكأن الخيار لإنقاذ ليبيا لا يأتي إلا بإملاءات ودعم أعداء ليبيا، ومن لهم مصالح في خيراتها.

* *

لقد ملَّ الخيِّرون من العرب من التوسط في إطفاء فتيل هذه الحروب العبثية، ونأوا بأنفسهم عن أي واسطة، أو تدخل لمعالجة ما تمر به ليبيا من صراعات، بعد أن أقفلت كل الأبواب، وحيل دون قبول أي علاج ينهي ما يدمر البلاد، ويعرّض أمنها واقتصادها للخطر.

* *

وفي ظل هذا الوضع المأساوي، فقد فُتِحت أبواب جهنم للقتال من حين لآخر، وسهل المرور لقوى خارجية لتعبث بالبلاد، وتهدّد مصالحه، وكل فريق يحتمي بقوة عسكرية للدفاع عنه وحماية ما هو تحت سلطته من مدن ليبية، وكأنه حكم على ليبيا بأن تمزّق على نحو ما يحدث الآن.

* *

وما جرى في طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية، من مظاهرات شعبية تطالب الحكومة الوطنية بالاستقالة، وتلك المواجهة العسكرية التي جُوبهت بها المظاهرات لا يؤدي إلى حلول تحمي ليبيا من هذا الخطر الداهم، وكان على الحكومة الوطنية سماع صوت المواطنين، وتلبية طلباتهم، حقناً للدماء، ووقفاً لمزيد من الأخطار المستقبلية المحدقة.

* *

خبرنا أن السياسيين لا ينقادون لإرادة الشعب، ويصرون على البقاء في مناصبهم، حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة دولهم، حتى ولو قتل من قتل، وأصيب من أصيب، حتى ولو هدم ما شاءوا من المباني، وعطلت المؤسسات، ومصالح الناس، وهو نهج اعتدنا عليه في كثير من الدول العربية التي لا يترك رؤساء مناصبهم إلا بعد خراب دولهم.

* *

هذه ليبيا، وهناك ما يماثل ذلك في السودان، واليمن، وربما قد يكون العالم العربي على موعد مع حالات كثيرة مماثلة، دون أن نغفل عمَّا كان يحدث في سوريا، وكيف أن نظام بشار الأسد لم يسقط إلا بالقوة، وبعد أن خرَّب سوريا، وشرَّد وقتل الملايين من الشعب، فلعل رئيس الحكومة الوطنية في ليبيا يستجيب لإرادة الشعب، ويلبي مطالبهم، حماية لليبيا من الانهيار، ومن أن تكون دولة فاشلة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد