: آخر تحديث

سعد البواردي.. الأديب الريادي

2
2
2

عبده الأسمري

من «على قارعة الطريق» قدم مهر قصته الأولى ووسط «مناجاة قلب» أطلق قصيدته المثلى ليواصل «الوثبات» بجسارة «الوعي» ويجتاز «العقبات» بمهارة «السعي» موزعاً «ومضات» المثابرة على عتبات «الترحال».

امتطى صهوة «الأدب» بفروسية «الماهر» ونال حظوة «الثقافة» بفراسة «المبدع» حتى استل «قلمه» من غمد «الروتين» ليلمع في سماء «القصة» ويسطع في أفق «القصيدة» ويبرز في معنى «الحضور».

مضى يوزع إهداءات «المقالة» في «استراحة داخل صومعة الفكر» واستمر ينثر عبير «قصائد تخاطب الإنسان» في سيرة تجللت بالإنجاز ومسيرة تكللت بالاعتزاز.

إنه الأديب الشهير سعد عبدالرحمن البواردي -رحمه الله- أحد أبرز الأدباء والمثقفين والرواد في السعودية والخليج.

بوجه نجدي ندي تشع منه ومضات «اللين» وتسطع فيه «سمات» اليقين مع تقاسيم تتماثل مع أسرته وتتكامل مع عائلته وعينان لماحتان تتوارد منها «نظرات» الفطنة وتتجلى فيهما «لمحات» الحكمة وأناقة وطنية تعتمر الأزياء الزاهية المتكاملة على محيا «قويم» مسجوع بلين الجانب ولطف المعشر وشخصية «وسطية» الرأي «جدية» الرؤية حكيمة «القول» زاهية «التواصل» وكاريزما تتقاطر منها حصافة «الفكر» وفصاحة «اللفظ» ولغة فصحية حصيفة تتعالى وسطها «مقومات» الأدب وتسمو فيها «مقامات» الثقافة قضى البواردي من عمره عقودا وهو يؤسس أصول «الصحافة» ويوظف فصول «المعرفة» ويرسم «خرائط» التميز في اتجاهات «الكتابة» ويرسخ «وسائط» الامتياز في أبعاد «التأليف» ويبني «صروح» الشعر على أركان من «الشعور» ويملأ أرجاء «الوطن» ويبهج «منصات» التتويج» شاعراً وقاصاً وكاتباً سطع اسمه في متون «الذاكرة» وتردد صيته في شؤون «الاستذكار».

في محافظة شقراء «العروس» المضيئة في عقد «نجد العذية» ولد عام 1348 الموافق 1920 في نهار مبهج ملأ أنحاء قريته بأصداء «الفرح» ومعاني «السرور «واكتظ منزل والده النجدي أمير المحافظة بقوافل المهنئين وجماعات المباركين وانطلقت «الأهازيج» النجدية تحت سماء العشيرة المجللة بالتعاون والمكللة بالتعاضد..

تفتحت عينا «الطفل» الصغير الذي أطلقت عليه عائلته اسم «سعد» تيمناً بالمقدم المبارك على «أب وجيه» مشهود له بالاعتبار والاقتدار سليل «قوم» توارثوا «الإمارة» بحكم الأصل واحتكام الفصل و»أم عطوفة» اشتهرت بجميل الجيرة ونبل المسيرة وعرف عنها سخاء «اليد» وصدقة «السر».

ارتهن صغيراً إلى «أسس» متينة من الوجاهة والتوجيه تماثلت كالضياء في طريقه وتكاملت كالإمضاء في دربه وتعتقت نفسه بروائح «الحصاد» في حقول قريته وتشربت روحه لوائح «السداد» في مرابع عشيرته فنشأ مشفوعاً بدلائل «النبل» ومسجوعاً ببراهين «الفضل» التي تواءمت أمام ناظريه كدهرين للثبات أحدهما للنصح والآخر للفلاح.

توسمت قريحته باكراً بتلك الأبيات الشعرية التي حفظها في مجلس والده الأمير النجدي والشاعر الشعبي فترسبت إلى وجدانه عزائم «الاقتداء» وترسخت في داخله موجبات «الاحتذاء».

تجرع البواردي ويلات «اليتم» بعد أن توفى والده وهو لم يبلغ سن الثالثة عشرة واضطر للانتقال إلى عُنَيزة بالقَصِيم لمواصلة دراسته، ثم التحقَ بمدرسة دار التوحيد الإعدادية في الطائف، ولم يتمَّ دراسته فيها..

واجه الشاب «اليافع» ظروف الحياة بمصابرة الذات ومثابرة النفس حيث انتقل إلى المنطقة الشرقية للعمل في وظائف متنوعة حيث اشتغل في الأحساء كعاملَ ميزان، ثم انتقل للعمل في الخبر لدى أحد التجار ثم عمل بائعًا لقطع غيار السيارات لدى شركة عبد اللطيف العيسى.

ارتبط البواردي باكراً بالأدب وابتدأ في مشواره مع التكريم والتفوق عندما أعلنت صحيفة البلاد في أوائل الستينيات عن مسابقة للقصة القصيرة ودخل المسابقة بقصة عنوانها «على قارعة الطريق» نال بها المركز الثالث وجائزة تمثلت في «الاشتراك المجاني» في الصحيفة لمدة عام وكانت أول مشاركة صحفية في مجلة اليمامة في عدد أكتوبر 1954 في مقال بعنوان «صخور الحياة» ونشر البواردي أول قصيدة بجريدة البلاد السعودية بتاريخ 18-8-1955 تحت عنوان «مناجاة قلب».

كان له نشاط ثقافي وأدبي وريادة صحافية مبكرة تمثلت في إنشاء مجلته «الإشعاع» في الخُبَر عام 1375هـ/ 1955م، تحت ميزانية متواضعة لم تتجاوز 500 ريال كانت تستقطع من راتبه وكان فيها يمثل كل المحررين بأسماء مستعارة مثل «فتى الوشم» و»أبو نازك» ولكنها لم تستمرَّ سوى عامين، وصدر منها ثلاثة وعشرون عددًا، جُمعت في مجلد واحد صدر عن دار المُفردات للنشر والتوزيع بالرياض، عام 1431هـ/ 2010م.

تولَّى عددًا من الوظائف والمهام الإدارية في وِزارة المعارف (وزارة التعليم حاليًّا)، حيث عمل مديرًا لإدارة العَلاقات العامَّة فيها إضافة إلى إدارة مجلة المعرفة، وسكرتيرَ المجلس الأعلى للتعليم، وسكرتيرَ المجلس الأعلى للعلوم والفنون والآداب. ثم ملحقًا ثقافيًّا للوِزارة للشؤون الإعلامية في كلٍّ من بيروت ثم القاهرة، إلى أن أحيل على التقاعد عام 1409هـ/ 1989م.

أبدع البواردي في كتابة المقالات والقصائد ودأب على نشرها في عدة صحف ومجلات ومنها: اليمامة، والجزيرة، واليوم، والمسائية، وقريش، والأضواء، والرائد، والفيصل، والمعرفة الجديدة، والمجلة العربية، والحرس الوطني.

وكانت له زوايا صحفية ثابتة مشهورة، منها زوايا أسبوعية في صحيفة اليمامة بعنوان: من النافذة، والباب المفتوح، ومع الناس. وزاوية يومية في صحيفة الجزيرة بعنوان: السلام عليكم. وزاوية يومية في صحيفة المسائية بعنوان: عالم فوق صفيح ساخن. وزاوية يومية في صحيفة اليوم بعنوان: نافذة على عالمنا العجيب. ومن الزوايا التي كتبها واشتهرت: أفكار مضغوطة، واستراحة داخل صومعة الفكر. وهو عضو في العديد من القطاعات والمجالس ومنها عضو مجلس أمناء مركز حمد الجاسر الثقافي.

أصدر البواردي أكثر من 46 كتاباً في القصة والنقد والشعر واقتنى آلاف الكتب في مكتباته التي كانت ترافقه في الداخل والخارج نظير أعماله وكانت جزءا لا يتجزأ من كيانه الحياتي والمعيشي والمعنوي.

تم تكريمه في عدة محافل حيث كُرِّم في مهرجان الجنادرية 29، عام 1435هـ/ 2014م.

وقلَّده الملك سلمان وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 2014 تقديرًا لنشاطه الأدبي والثقافي على مدار 60 عامًا. وكرَّمته ثلوثية محمد المشوِّح بالرياض.

استمر البواردي لمدة عقود وهو يمثل «واجهة» مشرقة لأجيال تعاقبت في المشهد الثقافي والأدبي وكان «منفرداً» بطموحه «ومتفرداً» ببعد نظره التي طالما ظل يلاحقه ليحصد «ثمار» الذكر المشرق في شواهد «الحياد» ومشاهد «الانفراد».

كتب عنه كبار الأدباء وتناولت الكثير من المقالات والدراسات والأبحاث شعره ونثره ومسيرته بدواعي «التحليل» ومساعي «النقاش» نظير رصيده «البذخ» بالأعمال الأدبية وانتقاءاته «الفاخرة» في الشعر والقصة والنثر

انتقل البواردي إلى رحمة الله، يوم الأحد 22 شوَّال 1446هـ الموافق 20 أبريل 2025م، عن عمر تجاوز التسعين عاماً ودُفن في مقبرة الشَّمال بالرياض وقد تناقلت نبأ وفاته الصحف والمجلات والمواقع المحلية والخليجية والعربية واستعرضت وسائل التواصل الاجتماعي مسيرته الغنية الباذخة بالمؤلفات والمنجزات وعزا فيه الوسط الأدبي والثقافي والصحافي ونعته منصات «الوطن» بوصفه رائدا من رواد الصحافة والأدب السعودي.

سعد البواردي.. الأديب الريادي و«الأنموذج» الثقافي الذي كسر حواجز «الاعتياد» وظل يغرد «خارج» السرب في «تحليق» عالٍ نال به علو المقام ورقي المكانة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد