: آخر تحديث

العمل الخيري بين الأمانة والتسييس: الحاجة لإعادة ضبط المسار

13
10
9

مبارك الهزاع

لطالما كان العمل الخيري أحد أعمدة التكافل الاجتماعي، ورافداً مهماً لدعم المحتاجين ورعاية الفئات الضعيفة في المجتمع. هناك جمعيات خيرية كانت خير مثال للأمانة ومازالت تقوم بدور مشرف وفعال لخدمة الفقراء والمحتاجين غير أن التجربة الماضية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا القطاع الحساس لم يَسلم من استغلال بعض الجماعات والتنظيمات السياسية، التي سخّرت العمل الخيري لخدمة أجنداتها الضيقة ومصالحها التنظيمية.

لقد افتقرت بعض اللجان الخيرية، التي رفعت شعارات المساعدة والعطاء، إلى أبسط قواعد المهنية والشفافية. وبدلاً من أن تدار هذه الأموال العامة وفق ضوابط واضحة تضمن وصولها لمستحقيها الحقيقيين، وجدناها تتجه إلى دعم المقربين والمنتمين لتنظيمات بعينها، هذه الممارسات حولت العمل الخيري من ساحة لخدمة المجتمع إلى أداة سياسية تُستخدم لتقوية نفوذ فئة على حساب مصلحة الوطن والمحتاجين.

إلى جانب الاستغلال السياسي، برزت إشكالية لا تقل خطورة: انعدام الخبرة المالية والإدارية في إدارة هذه الأموال الضخمة. فغياب الكفاءة المؤسسية، مع غياب الرقابة، أدى إلى سوء إدارة الموارد وهدرها، وأحياناً استخدامها في غير محلها، مما أضعف الثقة بالعمل الخيري وأضرّ بسمعته.

من هذا المنطلق، نشكر الحكومة على جهودها الأخيرة لضبط العمل الخيري وتقنينه، عبر وضع أطر قانونية وتنظيمية تضمن الشفافية والنزاهة. هذه الخطوات ضرورية وحيوية لضمان أن تصل المساعدات إلى المحتاجين الحقيقيين دون تمييز أو تسييس.

اليوم، بات من الضروري بناء منظومة عمل خيري جديدة، تعتمد على الحوكمة الرشيدة، الرقابة الدقيقة، والمهنية العالية. ويجب أن يُفصل هذا القطاع تماماً عن أي نفوذ حزبي أو سياسي أو عرقي، ليبقى العمل الخيري عملاً إنسانياً نزيهاً يعبر عن قيم المجتمع الحقيقية.

العمل الخيري أمانة، ويجب أن يبقى كذلك.

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد