: آخر تحديث

القبضة المحكمة

2
2
2

سهوب بغدادي

هناك العديد من المواقف والفترات التي نتشبث فيها بالأشياء والأشخاص، حيث يعتبر التشبث بمعنى التعلق بالشيء فعليًا أو نفسيًا ظاهرة إنسانية مركبة تتداخل فيها المعطيات النفسية والثقافية والاجتماعية وما إلى ذلك، ففي بعض الحالات يكون التشبث بدافع الأمان العاطفي أو النفسي كالبقاء في علاقة غير صالحة ومسمومة، أو للإحساس بالأمان من المألوف وعدم الخوض في المجهول، كالذي سيحدث عندما تترك هذا المنزل أو المدينة أو الشخص أو الوظيفة على سبيل المثال لا الحصر، أيضًا، تعد المخاوف من الفراغ أو تغيير الروتين أحد أهم العوامل التي تدفع الشخص إلى التشبث والتعلق الموجع بالأمور المؤذية، كذلك، هناك تشبث بالهوية والوجود والامتداد الذاتي، فأحيانًا نرتبط شعوريًا ولا شعوريًا بالأشياء والأشخاص والأماكن والتخلي عنها يعني التخلي عن جزء من الذات، كذكريات الطفولة والألعاب والملابس القديمة والصور التي تجمعك بزوج سابق، وقس على ذلك.

إن وجود بعض الأشياء والأشخاص في حياتنا قد يكون مضرًا بعكس السائد عن فكرة التحلي بالصبر، فالصبر له قدر معين ومستويات في حال تجاوزها يدخل ذلك في الهوان والذل وعدم إكرام النفس، وذلك منافٍ لما يرضي الله جل جلاله.

لقد راقني نص لا أعلم قائله في هذا الموضع: «أول مرة أرخيت يدي فيها لم أتوقع أن يكون شعور الرضا داخلي بهذا الحجم، قررت بعدها ألا أشد قبضتي على الأشياء، فالأشياء التي كُتبت لنا لن تذهب لغيرنا ولو تركناها، أما الأشياء التي لغيرنا فلن تكون لنا ولو تمسكنا بها»؛ لذا يتحتم عليك ألا تتشبث وترخي قبضتك المحكمة لكيلا تصاب بالشلل وفقدان الإحساس بها، والحواس الأخرى تباعًا.

«وهي غلطة ومش حتعود.. ولو إن الشوق موجود

وحنيني إليك موجود.. أهي غلطة ومش حتعود

إنما للصبر حدود للصبر حدود»

- «الست أم كلثوم».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد