خالد بن حمد المالك
قال نعيم قاسم الذي اختير رئيساً لحزب الله اللبناني بعد اغتيال إسرائيل لحسن نصرالله بأن الحزب انتصر على إسرائيل في حرب السابع من أكتوبر، ومن يقول غير ذلك فهو خائن، وعلى أثر ذلك كانت هذه الكلمة.
* *
أرجو ألاّ يكرر أمين حزب الله بعد اليوم الادعاء بأن الحزب انتصر في حربه مع إسرائيل بعد أن توصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار معها، وهو الذي قتل أمينه العام حسن نصر الله وقيادات الصف الأول والثاني منذ الأيام الأولى من الحرب.
* *
وأرجو ألاّ يزعجنا أمين الحزب بأنه تفوق في الحرب، بل وهزم إسرائيل، وهو الحزب الذي اضطر إلى ترك مواقعه على الحدود مع إسرائيل لتحتل إسرائيل الشريط الحدودي مع لبنان قبل وقف إطلاق النار.
* *
كما أرجو أن يكف أمين حزب الله عن تكرار القول عن انتصارات غير موجودة على إسرائيل، بينما قامت إسرائيل بإزالة مواقعه في الحدود وخارج الحدود، بما فيها من سلاح وعناصر بشرية.
* *
أرجو أن يصمت أمين الحزب، -ففي الصمت حكمة- ولا يتحدث عن انتصارات وهمية للحزب على إسرائيل، وهو من فقد أكثر قادته وما يملكه من سلاح وعتاد، بسبب السيطرة الجوية للعدو الإسرائيلي في جميع لبنان.
* *
أرجو أن يكون أمين الحزب واقعياً، فلا ينكر أن لبنان -كل لبنان- كان مسرحاً للهجوم الإسرائيلي الإرهابي، وأن العدو لم يستثن حتى وسط بيروت من عدوانه، وأن وراء هذه الجرائم وسببها سلاح حزب الله.
* *
أرجو أن يعبّر أمين الحزب عن اعتذاره الشديد للشعب اللبناني على ما سببته الحرب من قتل وإصابة أكثر من عشرين ألفاً وبينهم الكثير من المدنيين، بسبب مغامرة الحزب.
* *
وأرجو أخيراً أن يكون أمين الحزب شجاعاً، فيعلن عن تحول الحزب من حزب عسكري، إلى حزب سياسي، حتى لا يستمر لبنان وشعب لبنان أمام اعتداءات متكررة من إسرائيل، وتحت تهديد الحزب للمواطنين، وفي قبضته.
* *
وبعد:
كنا نود هزيمة إسرائيل، حتى ولو كان من حزب الله، على ما لدينا من تحفظات واقعية عليه، بل كنا نتمنى كسر قوة إسرائيل حتى ولو كان ذلك من الشيطان، فضلاً عن أن يكون من حزب الله، فهي دولة عنصرية، وقاتلة، ومجرمة، ومحتلة، ولا تريد الاستقرار لمنطقتنا.
* *
وكنا نتمنى تركيع إسرائيل للقبول بالشروط التي يريدها حزب الله لإيقاف القتال، لكن المنتصر هو من يملي شروطه، وهكذا كان إيقاف القتال بشروط ومتطلبات وإملاءات إسرائيل، وما كان على الحزب إلا القبول بها.
* *
كان حزب الله هو من يكرر المطالبة بإيقاف القتال، وأنه أوكل المهمة بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله إلى زعيم أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي عمل مع رئيس الحكومة المكلف على تحقيق ما كان يتمناه الحزب، ولكن بشروط تهمش ما يدعيه حزب الله بأنه حزب مقاومة، وتؤكد على هزيمته في الحرب.
* *
وبعد كل هذه المجازر، والخسائر، والتهديم، والقتل، والتفوق والانتصار الإسرائيلي، ماذا يخبئ الحزب للمستقبل، وقد قبل بحسب الاتفاق بأنه لن يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، وها هو يلتزم بذلك، وأنه لن يكون له تواجد في الحدود مع إسرائيل، وأنه تحت الرقابة حتى لا يصله أي سلاح جديد بعد اليوم، أليس هذا دليلاً دامغاً على هزيمته، وأن استمرار تملكه لما بقي لديه من سلاح هو -ربما!!- لاستخدامه محلياً ضد معارضيه؟!
* *
أتمنى من نعيم قاسم وقد آلت إليه المسؤولية في قيادة حزب الله أن يحتكم إلى العقل، ويستفيد من الدروس والآلام والخسائر والأوجاع، فيغير نهج سلفه حسن نصرالله، ويعود حزباً سياسياً يتعايش مع الأحزاب الأخرى في لبنان، ويمتنع عن الإضرار بالدولة اللبنانية، أو جر لبنان إلى فوضى وحروب جديدة تضر باللبنانيين.
* *
كلنا نحب لبنان، المستقل، النائي بنفسه عن الإساءة إلى الدول الشقيقة، سياسياً وأمنياً وإعلامياً، وكلنا نريده أن يعود إلى الحضن العربي، لا التغريد خارجه، وكلنا نريده مسالماً لا متآمراً على غيره، لكن أحياناً (ما كل ما يتمنى المرء يدركه) مع أننا لن نفقد الأمل بعد إضعاف حزب الله وبعد اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتشكيل الحكومة من شخصيات تهمها مصلحة لبنان، وكان حزب الله يقف حائلاً دون اختيارها لولا الهزيمة التي تعرض لها.
* *
ولأننا نحب لبنان -سويسرا الشرق الأوسط- فلا نريد من حزب الله، وغير حزب الله، أن يحول لبنان إلى مقبرة للبنانيين والمقيمين والزائرين، وكفى ما مر به على مدى عقود من عذاب وآلام وانهيار واستمر لسنوات طويلة.