: آخر تحديث

رحلة وعــي (2)

10
9
8

هيفاء صفوق

لكل فرد منا أهداف خاصة فيه ومتنوعة، أهداف شخصية ومادية وروحية واجتماعية وغيرها، فلقد مكن الله عز وجل الإنسان بكل الإمكانات التي تساعده في تحقيق ما يريد، لذا رحلة الوعي رحلة لا تتجزأ، بل كل جزء يكمل الجزء الآخر وهي مراحل متداخلة مع بعضها، كل مرحلة وعي تؤثر بمرحلة وعي أخرى حتى يتسع الفرد بالعلم والمعرفة والتجربة وهنا يدرك رسالته والغاية من وجوده.

- فرحلة الوعي ليست بالضرورة أن الكل يسير في نفس الخطوات في المعرفة والتجربة، بل هي مختلفة باختلاف معتقداتنا ومدى العزم والعزيمة والمواجهة والدافعية والمصداقية التي نختلف عن بعضنا فيها، ولكن هناك سمات عامة الجميع سيعيشها ويتذوق تجربته الخاصة لمعرفة المعنى منها وستنعكس على حياة كل منا على حسب اجتهاده وصدقه مع ذاته.

- هناك سمات المشتركة بيننا كمفهوم الحب، ومفهوم العطاء، ومفهوم السلام. الجميع سيجرب ذلك وسنختلف في ممارسة التجربة عينها وهذا ما يعطي للحياة التنوع والاختلاف في الأخذ والعطاء، وفي الحب والكره فلا يتعلم الفرد إلا من خلال هذه التجارب التي ترقي حاله من حال إلى حال أفضل وأحسن.

- هناك من يبرز وعيه ونضجه المعرفي والفكري والإنساني في مجال معين ربما في الطب أو المحاماة أو في البحث والفلسفة أو القراءة والاستطلاع أو غيرها، والحقيقة أنه أدرك ما عليه فعله وأجمل شيء عندما يتوافق ما يؤمن فيه الفرد من المعرفة والعلم والرغبة الداخلية في مجال عمله سيكون الإبداع والتميز عال جدا مما يساعده على الاتقان والتفرد بكل ما يقوم به، والعمل ليس فقط كمهنة بل سعيه وحركته في الحياة وفي العلاقات الإنسانية، وفي نهضة مجتمعه، وفي التطوع وفي أي مجال يسهم فيه من إبداعه وفكره وعطائه.

- لذا رحلة الوعي شاملة متنوعة لكل شيء في حياتنا، سواء كان شخصيا، أو اجتماعيا، أو مهنيا، أو مجتمعيا هو مبدأ واحد (الوعي والنضج) وكل منا يترجمه بما يتناسب مع قيمه وأهدافه ورسالته التي يؤمن فيها.

- رحلة الوعي تمتد وتطور من وعي الشخصي للفرد إلى الوعي بالأدوار التي سيقوم بها في الحياة وتحمله المسؤولية، نجد أن هناك أدوارا معروفة مع الأسرة والعلاقات والمجتمع وهناك أدوار أيضا مهمة جمالية تضيف للحياة رونقها وجمالها وخاصة من يبث روح التفاؤل والحب والمحبة والسلام في حياته وحياة غيره نجدها أحيانا في لوحات رسام اتقن عمله بحب ونقل إحساسه ليترجمها في لوحة ربما تحاكي مشاعر شخص آخر فتضيف عليه الكثير من المتعة والبهجة أو ربما نجدها في مواهب عديدة كالكتابة والتأليف فيستطيع أن يلامس هموم والألم الناس كما هو في الموسيقى والرياضة وغيرها من الأشياء التي تضيف سعادة للفرد نفسه ولما حوله.

- الأدوار هي متواجدة دائما في رحلة الوعي بصورة تتضح معالمها يوما بعد يوم من جرب التعامل مع أسرته بمحبة سيستشعر معنى عميق في الحب ويتضح دوره وسيلتمس أثر ذلك في التوازن النفسي في أسرته وهذا لا يأتي إلا من شخص واع بذاته ماذا يريد؟ وماذا يريد منه الآخر؟ وأدرك دوره ورسالته وغاية وجوده، وهناك دور في العمل وأهمية اتقانه وجودته، وهناك دور في الحياة الاجتماعية القائمة على المحبة والاحترام ستنزع قضية التنافس والغيرة فتصبح الحياة الاجتماعية صحية تضيف الشيء الكثير لصاحبها.

- في رحلة الوعي سنلمس ونختبر جميع المجالات الشخصية والاجتماعية والأسرية والمهنية والروحية حتى نتعلم ونرتقي كيف تكون جيدة، وسندرك خلال هذه الرحلة أهمية جانب عميق جدا وهو الجانب الروحي الذي يغفل عنه الكثير أو مشوه الصورة فتكون نتائجه غير جيدة، الجانب الروحي هو المحرك لكل شيء في حياتنا إن صح واتزن سيؤثر في حياتنا وطريقة تفكيرنا وطريقة تعاملنا وسلوكياتنا مع أنفسنا ومع الآخر ومع الحياة نفسها.

- الجانب الروحي هو مدى صدقنا مع الله ومدى قوة الإيمان في داخلنا ومدى تواجد الرحمة والحب في قلوبنا، وكما ندرك جميعا تقلب النفس وأهوائها مهما ادعينا غير ذلك هنا يكمن الاختبار والتحديات وفي رحلة الوعي سنكتشف يوما بعد يوم كيف تتضح أمور كثيرة أمامنا تعلمنا ماذا نفعل بشكل صحيح ونبتعد عن المسيء، الجانب الروحي لا أحد يتطلع عليه غيرنا إن صح الداخل ارتقى الفرد إلى حال أفضل وانعكس على جميع جوانب حياته.

إضاءة:

- الجانب الروحي هو إخلاص النية لله عز وجل وعندما يكون ذلك ينقشع الغمام والأوهام والزيف وتتضح الرؤية بشكل واضح فيتغير الحال لحال أفضل وهنا تصبح رحلة الوعي جاهزة لانطلاق بعد أكثر سلامًا ومحبة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد