خالد بن حمد المالك
لم يلتزم نتنياهو باتفاقه مع حماس، ماطل في الانتقال إلى المرحلة الثانية، وعطّل أحياناً تنفيذ المرحلة الأولى، مستغلاً ضعف قدرات حماس العسكرية في إلزامه ببنود الاتفاق، وكان همه أن تفرج حماس عن الأسرى لديها دفعة واحدة حتى يستأنف القتال في قطاع غزة، وعندما لم تفعل وأصرت على تنفيذ الاتفاق بمراحله الثلاث بدأ هجومه الوحشي، دون أن يكترث بمصير الأسرى لدى حماس وسط هذه الحرب المجنونة.
* *
لا أحد يمنعه من شهوة قتل المدنيين الأبرياء، لا مجلس الأمن بكل مؤسساته، ولا المحاكم الدولية، ولا دول العالم، ولا ما تم الاتفاق عليه، فالجميع بين متفرج أو داعم للعدوان عسكرياً وسياسياً، بما لا مثيل له في تعامل المستعمرين والمحتلين على امتداد التاريخ.
* *
إسرائيل لا تعترف بالقوانين الدولية الملزمة، ولا تلتزم بها، وهي أبداً خارج الأخذ بالتعامل الإنساني مع شعب يقبع في أرضه تحت الاحتلال الغاصب، وخلال الحرب وقبل الحرب، حولت قطاع غزة إلى سجن كبير، بمنع دخول الغذاء والدواء إليه، تقفل المعابر، وتهدم المنازل على سكانها، والحرب تعود الآن من جديد، لاستكمال خططها الممنهجة في تحويل قطاع غزة إلى أرض محروقة.
* *
مصاصو الدم في إسرائيل، من الحكومة العنصرية إلى جيش لا يحترم قواعد الاشتباك، لا يراعون أو يستجيبون لتلك الأصوات التي تنادي بحماية المدنيين في قطاع غزة، ويكررون عدوانهم على الضفة الغربية، لتفريغ السكان من أماكنهم، وإحلال المحتلين الإسرائيليين بأماكنهم في خطوات متسارعة لتحويل كل فلسطين إلى دولة يهودية صهيونية، ودفن أي تفكير يحقق خيار الدولتين.
* *
لقد طغى العدو الإسرائيلي وتجبّر، وخلا له الجو ليفعل ما يشاء، فليس هناك من يردعه، أو يقول له كفى، أو أن يكون هناك إجماع دولي لمنعه من غطرسته واستباحته لدم الأبرياء، وفي هذا وذاك فما على الفلسطينيين إلا مواجهة هذا العدوان الأحمق بصدورهم العارية، وإمكاناتهم العسكرية المحدودة.
* *
يفعل نتنياهو وجيشه العنصري الظالم كل هذا، وبقية أسراه في قبضة حركة حماس، فماذا سيفعل لو لم يكن لدى الحركة هذا العدد من الأسرى؟ بل ماذا سيكون عليه الوضع في القطاع لو تم فعلاً الإفراج عن الأسرى، الذين يشكلون ضغطاً على حكومة إسرائيل العنصرية من أهاليهم؟
* *
إسرائيل التي تعتدي على لبنان وسوريا واحتلت مؤخراً أراضي جديدة في الدولتين، بالتزامن مع عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا، وتهدِّد كل دول المنطقة إذا ما فكرت بأخذ موقف عسكري ضد إسرائيل، كيف يمكن أن نتصور توقف أطماع إسرائيل وأمريكا تعلن عن دعم وتسليح جيشها بالمعدات والأسلحة المتطورة وبكل ما يجعلها قادرة على تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة، وعلى تمكينها من التوسع في احتلالها لأراضٍ في فلسطين ولبنان وسوريا.
* *
الضغط العسكري الإسرائيلي على الفلسطينيين سوف يتواصل، ما بقيت تل أبيب تملك مفاتيح القوة العسكرية التي تجعلها الدولة المتفوِّقة بين دول المنطقة، وما بقيت أمريكا ترى كما لو أنها إحدى ولاياتها، وأن مصالحها بالمنطقة لا تتحقق بدون دعم إسرائيل ومساندتها على العدوان والاحتلال والتوسع فيه.