: آخر تحديث

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

9
7
6

حتَّى الذين يختلفونَ مع الرئيس دونالد ترمب، يعترفونَ بأنَّ الولاياتِ المتحدةَ تحت قيادته تشهد، منذ اليوم الأول، ثورةً تقود إلى تغييراتٍ مهمة، ولو لم يحقّق كلَّ ما وعد به حرفياً.

الجانب المهمُّ والمختلف، هذه المرة، أنَّ ترمب ليس شخصاً، بل تيارٌ عريض. يدخل البيتَ الأبيض مستعداً مسلَّحاً بمشاريعه، وقياداته للإدارة، ومزاجٍ شعبي عام راغب فيه وداعمٍ لطروحاته. بهذا الزَّخم هي ثورة مختلفةٌ عن سياق الرئاسات السابقة، ومختلفةٌ حتى عن رئاسته الأولى.

بالنّسبة لمنطقتنا، نعتقد أنَّنا بِتنا نعرف ترمب جيداً، وسيكون لاعباً إيجابياً وفقَ برنامجه المعلَن. عنده رغبة في تحقيقِ سلامٍ فلسطينيّ عربيّ إسرائيليّ. ويريد حسمَ الإشكال الإيراني بأحد خيارين: المصالحة ووقف النشاط النووي، أو المواجهة. كما أعلن أنَّه يريد معالجةَ المسألة السّورية، بما في ذلك الدور العسكري التركي فيها. وسيدعم «السيادة العراقية»، بما تعنيه من إنهاءِ الميليشيات المحسوبة على إيران، حتى يستطيع سحبَ ما تبقَّى من القوات الأميركية. وفي اليمن جعلَ الحوثي أول ضحاياه، أعاده إلى قائمةِ الإرهاب، وبذلك يتبنَّى سياسة معاكِسة. سلفُه بايدن كان يهدّد ميليشيا الحوثي بوضعها على قائمة الإرهاب إنْ لم توقفِ الاعتداءاتِ، ولم تفعل، وهو لم يضعها. في حين أنَّ ترمب أبلغها بأن تتوقف إن كانت تريد رفع اسمِها من قائمة الإرهاب.

لأنَّ السعودية حافظت على علاقة مميّزة معه في رئاسته الماضية، اختار أن يبدأ اتصالَه الهاتفيَّ الأول مع زعماء العالم، بوليّ العهد السعودي، ويعلن أنَّه عازم على أن يكرّر زيارته.

قالَ: ستكون السعودية أول بلدٍ يفتتح به زياراتِه الخارجية وستشمل اتفاقاتٍ اقتصادية بستمائةِ مليار دولار. حول هذه النقطة تحديداً فإنَّ معظم الزيارات، غير الطارئة، هي ذات أبعاد اقتصادية. ترمب عندما يتحدَّث يخاطب جمهورَه بلغة السّوق، الرّبح والخسارة. ولنتذكر أنَّ التعاملَ الاقتصادي مع الولايات المتحدة هو المكسب. الخطورة عندما تضعك على قائمةِ الممنوعين من التّعامل التجاري معها.

ففي الشهر الماضي، ورداً على الأصوات المعادية لها، علَّقت وزارة الخارجية الصينية بأنَّ التعامل الاقتصادي بينها وبين الولايات المتحدة يعود بالفائدة على الجانبين. للصين استثمارات بنحو سبعمائةِ مليار دولار في الولايات المتحدة.

في رئاسته الأولى، زارَ ترمب الرياض بعد إطلاق ولي العهد مشروعَه العملاق «رؤية 2030». وجَرَت تفاهماتٌ على مشاريع كبيرة، لكنَّ بعضها لم يتم؛ إما نتيجة قيود المُشرّعين الأميركيين آنذاك أو لاعتبارات أخرى، وكانَ حجمها في الأخير أقلَّ من الطموحات المعلَنة. والمنجز من معظم الوعودِ للعقود على دفعات طويلة، أحياناً عشر سنوات. وجزء كبير منها استثمارات ذاتُ عوائد مربحة.

العلاقة بين الرياض وواشنطن دائماً استراتيجية وليست ظرفية. هذا ما تبيَّن للرئيس الأميركي السابق جو بايدن الذي، حتى من دون نفط، ومن دون صفقات تجارية، أو حتى علاقة شخصية، عَرَض على السعودية التعاون الاستراتيجي، وطرح مشروع الاتفاق الدفاعي. مع ترمب، الأرجح أن تكون العلاقة أقربَ وأدفأ، خاصة أنَّ ولي العهد السعودي استثمر في العلاقة معه، ووجدَه خير حليف.

وهناك المشروع الكبير لصالح المنطقة، الذي لا يمكن أن يُحسب بالدولارات، ولن تنسينا إياه الاستثمارات؛ وهو الرغبة في تحقيق السَّلام الإقليمي، والسَّعي لحل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية.

ترمب شخصية استثنائية يحمل أحلاماً كبيرة وعزيمة جبارة، لننظرْ ماذا فعل في أول يوم له بالبيت الأبيض، لم يُعرَف مثله من قبل. سيجد كلَّ ترحيب، يهمّنا أن نكونَ في صف هذا الرَّجل التاريخي، وأن نكسبَه في صفّنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد