: آخر تحديث

السلطان القوي والشاعر الرقيق

4
3
3

صادف يوم 12 يناير، الذكرى الخامسة لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق حكم سلطنة عمان.

***

يعتبر أحمد بن سعيد البوسعيدي، الذي ولد في مارس 1694، المؤسس لأسرة البوسعيدي، الحاكمة في عمان. كانت بدايته متواضعة، لكن سرعان ما أصبح قائدا عسكريا فذا، فعينه الحاكم سيف بن سلطان واليا على منطقة صحار، وفوض له تاليا كل الأمور، وعندما صارت القيادة إلى سلطان بن مرشد، بقي أحمد بن سعيد في صحار، حيث توفي فيها سلطان تاليا سنة 1743 أثناء حربه مع الفرس، فتولى مهمة مقاتلتهم، ونجح في إخراجهم، فخضعت له المنطقة، لكن الأمور خارجها لم تهدأ، حيث قام اليعاربة بمبايعة بلعرب بن حمير، فاضطر منافسه سيف إلى الاستعانة بالفرس، لكن بقي أحمد بن سعيد في حصنه محايدًا إلى أن حاصرته قوات الفرس، وقاموا بقصف حصنه بالمدافع إلا أنه صمد أمامهم، فقرروا فك الحصار والرحيل. وفي ديسمبر 1753، توجه إلى ولاية نزوى، حيث قام بقتل بلعرب بن حمير فنودي به إماما خلفا له، وسيطر على كل منطقة عمان، وركز جهوده تاليا على توحيدها وتطوير نظامها الاقتصادي وتقوية أسطولها البحري، مما جعلها قوة يحسب حسابها، حربيا وتجاريا، ووجه اهتمامه إلى الخارج بغية حماية حدود الدولة من الغزو الأجنبي، وأحقيته في تأمين الملاحة في منطقة الخليج العربي والمحافظة على الأمن فيها.

***

منذ شبابي، الذي مضى، وأنا معجب بأغنية «لأقعدن على الطريق»، التي سمعتها من أكثر من فنان، لكن كان أول وأفضل من قام بأدائها المطرب، والنهام السابق، عوض الدوخي (1932 - 1979)، والتي تقول كلماتها:

يا من هواه أعزه وأذلني

كيف السبيل إلى وصالك دلني

وتركتني حيران صباً هائماً

أرعى النجوم وأنت في نوم هني

عاهدتني ألا تميل عن الهوى

وحلفت لي يا غصن ألا تنثني

هب النسيم ومال غصن مثله

أين الزمان وأين ما عاهدتني

جاد الزمان وأنت ما واصلتني

يا باخلاً بالوصل أنت قتلتني

واصلتني حتى ملكت حشاشتي

ورجعت من بعد الوصال هجرتني

لما ملكت قياد سري بالهوى

وعلمت أني عاشق لك خنتني

ولأقعدن على الطريق فأشتكي

في زي مظلوم وأنت ظلمتني

ولأشكينك عند سلطان الهوى

ليعذبنك مثلما عذبتني

ولأدعون عليك في جنح الدجى

فعساك تبلى مثلما أبليتني

***

واليوم فقط اكتشفت أن هذه الأغنية، او القصيدة الرائعة، هي من كلمات الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، أو تنسب له، والتي تُظهر حسه الصوفي العميق وتواضعه رغم عظم مسؤولياته السياسية. فهو لم يكتف بأن يكون حاكمًا مؤسسًا للدولة البوسعيدية، بل كان أيضًا شخصية تمتلك رؤية روحية عميقة.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد