لم تأتِ هذه النهضة العظيمة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة من فراغ، بل هي نتيجة لعملية طويلة من التخطيط والمتابعة والتنفيذ من قبل القيادة الحكيمة، التي أثبتت مقدرتها الفذّة على مطاردة المستحيل، وتحقيق ما يعجز الجميع عن تحقيقه.
لقد تبنّت دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بناء نموذج اقتصادي مبتكر يخدم رؤيتها المستقبلية، واستراتيجيات اقتصادية وطنية فعّالة، ركزت على تعزيز نهج الانفتاح والشراكات وتوسيع مجالات التنويع الاقتصادي، ودعم التحول نحو النموذج الاقتصادي الجديد القائم على التنوع والابتكار، وبما يحقق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى ثلاثة تريليونات درهم بحلول العقد المقبل. وقد أصبحت دولة الإمارات اليوم في المراكز المتقدمة في مؤشرات التنمية العالمية، وهذا ما أشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في جلسة لمجلس الوزراء في 12 ديسمبر(كانون الأول) الجاري، حيث قال سموه:«استمرت دولة الإمارات في ترسيخ تنافسيتها العالمية.. واجتذابها لأفضل الخبرات والثروات العالمية.. حيث جاءت دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً في 223 مؤشراً دولياً تنموياً، وجاءت ضمن المراكز الخمسة الأولى في 444 مؤشراً في أهم التقارير الدولية المتعلقة ببيئة الأعمال والاقتصاد، والبنية التحتية، والبنية الرقمية، وحركة المواهب، والاستثمار الأجنبي، والأنظمة المالية، ومؤشرات الصادرات والمؤشرات التجارية والسياحية والتكنولوجية وغيرها».
إن دولة الإمارات، في خططها، تتبع استراتيجيات التخطيط المؤقت بمراحل، فظهرت استراتيجية الإمارات 2008 – 2010، والتي تستهدف، في المقام الأول، تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة، وضمان توفير الرخاء للمواطنين. وقد تضمنت تلك الاستراتيجية واحداً وعشرين موضوعاً موزعة على ستة قطاعات رئيسية هي: قطاع التنمية الاجتماعية، وقطاع التنمية الاقتصادية، وقطاع العدل والسلامة، وقطاع التطوير الحكومي، وقطاع البنية التحتية، وقطاع تطوير المناطق النائية. وفي عام 2010، أطلقت حكومة دولة الإمارات «رؤية الإمارات»، والتي رسمت المرحلة التالية من رحلة دولة الإمارات، كان مبتغاها أن تكون دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد في عام 2021. وأطلقت دولة الإمارات استراتيجية «نحن الإمارات 2031» التي تعدّ رؤية جديدة وخطة عمل وطنية تستكمل من خلالها دولة الإمارات مسيرتها التنموية للعقد القادم وتركز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية.
وتسعى الدولة من خلال هذه الرؤية إلى تعزيز مكانتها كشريك عالمي، ومركز اقتصادي جاذب ومؤثر، وإبراز النموذج الاقتصادي الناجح للدولة، والفرص التي توفرها لكافة الشركاء العالميين. واعتمدت دولة الإمارات في سبتمبر(أيلول) 2021 مبادئ الخمسين لتكون مرجعاً يقود الدولة إلى تحسين جودة حياة مواطنيها، وتنتقل عبرها إلى مرحلة جديدة من التطوير والتنمية حتى عام 2071. وترسم وثيقة مبادئ الخمسين، المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية، بتوجيهها مؤسسات الدولة نحو اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً. وتعد الوثيقة التي تتضمن عشرة مبادئ بمثابة المسار الاستراتيجي للدولة، وهي توضح أن المسار الاقتصادي للإمارات، ومنهجها السياسي، قائمان على السلم والحوار، وتنميتها شاملة في مناطقها كافة، وعبر كل القطاعات، وبما يحافظ على دولة الإمارات، كما أرادها المؤسسون، الشعب الأفضل والأنبل والأكثر عطاء. وتشمل تلك الوثيقة المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية.
إن كل هذا الاهتمام والتوجيه والعناية من قبل القيادة الحكيمة قد آتى ثماره، فقد قفز الناتج المحلي الإجمالي قفزات هائلة خلال العقود الماضية، وتشير التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات خلال الربع الأول من العام 2024، والصادرة عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، بأن هذا الناتج قد بلغ 430 مليار درهم خلال الربع الأول من العام، ليسجل نمواً ملحوظاً بنسبة 3.4 في المئة مقارنةً بالفترة ذاتها من عام 2023، فيما حقق الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال الربع الأول من عام 2024 نمواً بلغ 4 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وفي هذا الصدد، فقد توقع البنك الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 3.3 في المئة في 2024 يرتفع إلى 4.1 في المئة في 2025. وقال البنك، في تقريره الصادر في 16 أكتوبر(تشرين الأول)، عن «المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، من المتوقع أن ينمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات بنسبة 2.5 في المئة في 2024، على أن يرتفع هذا النمو إلى 3.4 في المئة في العام المقبل 2025.
إن هذه الوقائع والمعطيات تؤكد أن دولة الإمارات، قد أثبتت قدرتها على استشراف المستقبل من خلال رؤية القيادة الحكيمة، والرامية إلى تسخير كافة الإمكانيات وإيجاد الحلول لمختلف التحديات، وإشراك مختلف الجهات في رسم الخطط والتوجهات المستقبلية للدولة. وهذا ما جعل من دولة الإمارات إحدى أكثر دول العالم تقدماً في مختلف القطاعات والمجالات وعلى رأسها الاقتصاد الذي بات أهم مقياس لتقدم الأمم، وهذا ما جعل الإمارات أفضل دولة لأسعد شعب.