محمد سليمان العنقري
أعلن الأسبوع الماضي في مقر الاتحاد الدولي لكرة القادم عن فوز المملكة العربية السعودية باستضافة كأس العالم للعام 2034 م؛ حيث تميز ملف المملكة بالحصول على أعلى درجة تقييم بتاريخ هذه البطولة العريقة منذ انطلاقتها عام 1930 كما أن البطولة ستقام لأول مرة بدولة تنفرد باستضافتها دون مشاركة مع دول أخرى بعد تعديل نظامها ليرتفع عدد الدول المشاركة من 32 الى 48 وهو رقم كبير جداً، فالنسختان القادمتان بعد هذه الزيادة بعدد الدول يشارك باستضافة كل واحدة منها ثلاث دول، ولكن ماذا تستفيد الدول من استضافة البطولة، وكيف ينعكس ذلك على اقتصادها ومجتمعها.
كل دول العالم التي استضافت البطولة سابقاً ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي فيها بنسب متفاوتة من دولة لأخرى، لكن في المملكة سيكون معدل النمو مرتفعاً جداً والمكاسب عديدة؛ ففي النظر للقطاعات الاقتصادية سينشط قطاع التشييد والبناء و الصناعة من مواد بناء وتعدين وصناعات غذائية والأثاث وكافة التجهيزات للملاعب والمرافق التي ستبنى لأجل خدمة هذه البطولة، وهو ما يعني رفع الطلب على الطاقة والذي يعني التوسع بانتاجها والاستفادة كذلك من المنتجات البتروكيماوية في التصنيع المحلي، يضاف لذلك نشاط كبير بقطاع النقل والخدمات اللوجستية ونشاط واسع في حركة النقل والشحن في الموانئ والمطارات والنقل البري والقطارات وهو ما يعني الحاجة لزيادة بالتوظيف من العمالة الوطنية والوافدة؛ مما يتطلب تقديم خدمات لها من سكن والذي يعني زيادة في حجم نشاط التطوير العقاري، وكذلك خدمات الصحة والتعليم والترفيه والسياحة والثقافة وسيرتفع حجم قطاع التجزئة بكل أنشطته التي تزيد عن 730 نشاطاً فيما سيزداد الطلب على خدمات القطاع المالي عموماً للافراد والقطاعين العام والخاص، إضافة لنشاط واسع لقطاع التأمين للافراد والمنشآت وسيتسع حجم قطاع الاتصالات والخدمات الرقمية لتيسير الأعمال وستكون فترة البطولة فرصة كبيرة للتعريف بالمستوى المتقدم للمملكة بكافة المجالات، وهو ما يعد تسويقاً يخدم جذب الاستثمارات والسياحة والترابط بشكل كبير مع العالم فعدد القطاعات التي ستستفيد من استضافة هذه البطولة يكاد يشمل أغلبها.
قد ينتظر البعض معرفة الأرقام التي ستضاف للناتج المحلي بتأثير هذه البطولة، لكن رغم أن ذلك سابق لأوانه ولا يمكن تحديده حالياً، إلا ان المؤكد أن هذه المناسبة العالمية الكبرى ستنعكس ايجاباً في الاقتصاد السعودي بنمو مستدام وإضافة مرافق وخدمات ضخمة وتطور هائل في زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد، بالاضافة للترويج لما انجز في رؤية 2030 وهو ما سيتيح الفرصة لجذب الاستثمارات للاقتصاد بمختلف القطاعات، وكذلك للسوق المالي الذي تتمثل فيه أغلب القطاعات وأهم الشركات الوطنية، إضافة للتعريف بتراثنا وثقافتنا وجعل المملكة دولة رئيسية في خارطة السياحة عالمياً بما تمتلكه من مقومات ضخمة ومناخ متنوع وخدمات راقية وكرم الضيافة..