خالد السليمان
تنظيم البطولة الخامسة والعشرين لكأس العالم (2034) التي ستضم لأول مرة ٤٨ منتخباً تعد فرصة تاريخية للمملكة العربية السعودية لإبراز بصمتها وإعادة تعريف تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى على مستوى العالم، خاصة مع إعلان تأسيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034، الذي يسلط الضوء على التزام القيادة السعودية بتقديم نموذج رياضي وتنظيمي جديد يتماشى مع أهداف رؤية 2030، التي تضع الرياضة واحدة من ركائز التنمية الوطنية!
تشكيل هيئة عليا لتنظيم البطولة برئاسة سمو ولي العهد يعكس المعايير العالية المطلوبة لتنظيم استثنائي ولمواجهة أي تحديات تواجه تنظيم حدث عالمي بهذا الحجم، والمملكة ليست جديدة على تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، فقد استضافت سباقات الفورمولا 1، ونهائي السوبر الإيطالي والإسباني، وبطولات التنس والملاكمة العالمية، لكن كأس العالم بحجمه العالمي وأبعاده الثقافية والاقتصادية يتطلب استعدادات خاصة، من حيث تجهيز البنية التحتية على أعلى مستوى، وجودة الخدمات المقدمة، والتنسيق بين الجهات المختلفة لضمان تقديم تجربة مثالية للجماهير واللاعبين على حدٍّ سواء.
من أهم الأدوار التي ستقوم بها الهيئة العليا هو تحسين وتطوير البنية التحتية للمدن السعودية، فبطولة كأس العالم ليست رياضية فقط، بل مشروع تنموي طويل الأمد، فالملاعب الجديدة التي ستُبنى أو ستُطوَّر ستصبح لاحقاً منشآت متعددة الاستخدامات تخدم المجتمع في الأنشطة الرياضية والثقافية، كما أن الطرق ووسائل النقل التي ستُحسَّن استعداداً للبطولة ستبقى إرثاً دائماً يُسهم في تحسين جودة الحياة للسكان من المواطنين والمقيمين!
وإلى جانب البنية التحتية، تسعى الهيئة إلى تعزيز القوة الناعمة للمملكة، كون كأس العالم منصة استثنائية للترويج للثقافة السعودية والتعريف بالتحولات الإيجابية التي تشهدها البلاد، ومن خلال الفعاليات المصاحبة للبطولة، ستُتاح الفرصة للجماهير العالمية للتعرف على التراث السعودي، من الطعام التقليدي إلى الفنون والموسيقى، مما يعزز الصورة الإيجابية عنها بوصفها مركزاً عالميًّا يجمع بين الأصالة والحداثة !
الجانب الاقتصادي من البطولة لا يقل أهمية عن الجوانب التنظيمية والثقافية، فالهيئة ترى في تنظيم كأس العالم فرصة كبيرة لتحفيز النمو في قطاعات متعددة مثل السياحة، والضيافة، والخدمات اللوجستية، ويعني تدفق ملايين المشجعين من مختلف أنحاء العالم طلباً متزايداً على الفنادق، والمطاعم، وخدمات النقل، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويخلق آلاف الوظائف الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، الاستثمارات التي ستُوجَّه للبنية التحتية ستدفع عجلة التنمية وتفتح الباب أمام المزيد من الشراكات المحلية والدولية.
لكن الأثر الأكبر للبطولة لن يكون فقط في البنية التحتية أو الإيرادات الاقتصادية، بل في الإرث الذي ستتركه على المجتمع السعودي، خاصة أن الهيئة ستعمل على تطوير الكوادر البشرية، من خلال توفير برامج تدريبية للشباب في مجالات الإدارة الرياضية، والتنظيم، والخدمات اللوجستية، ما سيُسهم في بناء جيل جديد من القادة القادرين على تنظيم وإدارة الفعاليات الرياضية الكبرى في المستقبل!
باختصار.. تنظيم كأس العالم 2034 فرصة لتقديم السعودية بوصفها وجهة رياضية عالمية، وإبراز تحولاتها التنموية أمام العالم، وهو الدور الحيوي الذي ستلعبه الهيئة العليا من خلال ضمان نجاح البطولة، التي لن تكون وحسب لحظة رياضية بارزة، بل نقطة تحوُّل في تاريخ الرياضة والتنمية في المملكة العربية السعودية!