في مقال سابق بعنوان (أرجوك لا تنسَ التقييم) كتبت عن الموظف الذي يطلب من العميل تقييم أدائه بدرجة عالية من أجل الاستمرار في الوظيفة أو الترقية، وقلت إن هذا سلوك قد يفسر بعدم الثقة. في المقابل هناك موظفون يفعلون العكس، يؤدون عملهم بكل إخلاص وتميز وحين يطلب العميل اسم الموظف للتقييم والتقدير لا يوافق على ذلك. النموذج الثاني حصل لأحد المسافرين مع عائلته في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، كانت المواطنة موظفة الخطوط السعودية تؤدي عملها بمهنية عالية وتعامل راقٍ رغم ضغط العمل، طلب أحد أفراد العائلة اسم الموظفة من أجل تقدير عملها المتميز ليصل ذلك إلى المسؤولين، ألح في الطلب لكن الموظفة المخلصة في عملها لم توافق وكانت إجابتها (حنا في خدمتكم). هذا السلوك يعكس مرحلة متطورة لأداء الخطوط السعودية، مرحلة آخذة في التوسع لتشمل انتظام المواعيد والخدمات داخل الطائرة، والتعامل بشكل عام مع العملاء.
حين يعمل الموظف بعقله وقلبه ويقوم بمسؤولياته بمهنية عالية دون ضجيج فهو يعكس بيئة عمل إيجابية. أداء الموظف وأخلاقه هي مفتاح التعرف على بيئة العمل وهي التي تشكل الصورة الذهنية للمنظمة في المجتمع.
تصرف الموظف يذكرنا بأن بيئة العمل الإيجابية ليست مسؤولية الإدارة العليا فقط، الموظف له دور مؤثر في منظومة العمل، أداؤه المتميز نتاج ثقة بالنفس، وتشرب لثقافة المنظمة تجعله قادراً على التصرف وإيجاد الحلول، والرقابة الذاتية. الموظف الذي يتصف بهذه الصفات هو في الغالب يتمتع بالرضا الوظيفي، هذا الرضا لا ينتج عن فراغ، هو حصيلة الأساليب القيادية المتبعة في المنظمة.
الأكيد أن تقييم أداء الموظف ركن أساسي في عمل أي منظمة، والأكيد أيضاً أن لكل موظف جوانب قوة وجوانب تحتاج إلى تطوير، ومن حق الموظف المتميز أن يحصل على التقدير والتشجيع لتعزيز الجوانب الإيجابية، وأن تتوفر له فرص تطوير الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، ولكل منظمة أساليبها الخاصة في إجراء عملية التقييم، المهم بل الأهم هو أن تبدأ عملية التقييم بالجوانب الإيجابية.