منيف الحربي
منذ أسبوع، وعند إغلاق بعض دول المنطقة لمجالاتها الجوية، تدفقت الطائرات من جهة الخليج العربي شرقاً والبحر الأحمر غرباً على الأجواء السعودية، حيث ازدحمت سماء المملكة بالطائرات من جميع الشركات الناقلة في العالم، العابرة من كل مدن الأرض إلى كل مدن الأرض بلا مبالغة حتى أن معدل الطائرات تجاوز المئتين وثلاثين طائرة في نفس اللحظة!
المشهد ذاته يتكرر كلما اندلعت الصراعات أو اشتدت التوترات في الشرق الأوسط، الأجواء السعودية هي الملاذ الآمن للحركة الجوية العالمية بكل ما تعنيه العبارة من معنى.
وعندما نقول «الحركة الجوية العالمية» فذلك لأن الله قد منح المملكة ميزة مهمة تتمثل في الموقع الاستراتيجي الذي يربط ثلاث قارات؛ آسيا وأفريقيا وأوروبا، كما أنعم الله على المملكة بمساحة واسعة تعادل ربع قارة أوروبا، ومساحة تفوق مساحة فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وبلجيكا وهولندا مجتمعة..!
قبل سنوات؛ أثناء الحرب العراقية الإيرانية، ثم أثناء الغزو الأمريكي للعراق، وفي أبريل الماضي حينما قامت إسرائيل بقصف بعض المواقع الإيرانية حدث نفس السيناريو وسيحدث مستقبلاً حينما تتكرر الظروف، التقدم التقني يسهم في الوعي دون تزييف؛ فقبل أشهر تناقل الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور الأقمار الصناعية ومقاطع من تطبيقات الحركة الجوية التي أظهرت الأجواء الإيرانية والعراقية والأردنية والإسرائيلية وهي خالية تماماً من الطائرات لعدة أيام، بينما كانت سماء الوطن تزدحم بعدد ضخم من الطائرات حتى تلك التي لم تكن جدولتها المعتادة تمر بأجواء السعودية، حينها انتشر بين الجمهور بيتان للشاعر السوداني الشاذلي العجب:
عند سلمان ما تسمع بلوّه وليته..
يوم بعض المشايخ بين ليته ولوّه.
قد سمعنا بشيخٍ تزبن الناس بيته..
ما سمعنا بشيخٍ تزبن الناس جوّه!
هذه حقيقة تدعو للفخر، فالموقع الجغرافي للسعودية والثقل السياسي جاءا بفضل الله سبحانه ثم بفضل القيادة الحكيمة التي أولت قطاع الطيران (كغيره من القطاعات) اهتماماً واستثماراً في التقنية والإنسان، حيث يدار المجال الجوي السعودي كاملاً بكوادر وطنية 100% لديها من الكفاءة والتدريب ما يمكّنها من إدارة الحركة الجوية الكثيفة بكل سلاسةٍ وأمان.
قطاع الطيران المدني السعودي يحظى تاريخياً بمكانةٍ كبيرة على المستوى الدولي، فالمملكة من أوائل الدول التي وقّعت على «اتفاقية شيكاغو» في أربعينيات القرن الماضي وتعتبر من أهم الدول الأساسية الداعمة لصناعة الطيران على مدى 80 عاماً.
اللهم أحفظ هذه البلاد التي أرضها عطاء وسماؤها غطاء، وأعز قيادتها الحكيمة وأدم علينا الأمن والازدهار.