: آخر تحديث

أدب القارة الساحرة

15
12
13

 

د. حســن مــــدن

تعرفنا، نحنُ القراء العرب، متأخرين على أدب أمريكا اللاتينية في الرواية والقصة القصيرة، بعد أن ظهرت أسماء من المترجمين العرب عن الإسبانية، في مقدمتهم الراحل صالح علماني. لا نجزم، لكننا نرجح أن القراء العرب ليسوا وحدهم من تعرفوا على أدب أمريكا اللاتينية متأخرين، ومن أسباب ذلك أن هذا الأدب شهد في العقود الماضية نهضة غير مسبوقة، ما كان لها أن تظلّ حبيسة القارة المنتجة لها، خاصة أن الجزء الأكبر من هذا الأدب مكتوب بلغة عالمية مهمة، هي الإسبانية، كونها لغة غالبية بلدان القارة، فلغة البرازيل، مثلاً، هي البرتغالية، فكان أن عرف القراء في مختلف الأرجاء أدباء وكتّاب القارة.الاسم الأبرز عالمياً من أمريكا اللاتينية هو الكولومبي غابرييل ماركيز حامل نوبل للآداب، الذي ذاعت شهرة رواياته، وفي مقدمتها «مئة عام من العزلة»، لكنه ليس الاسم الوحيد، هناك أسماء أخرى لا تقلّ شهرة، بينها التشيلية إيزابيل الليندي، والأورغواني ماريو بينيديتي، والإرجنتيني ألبرتو مانغويل، الذي سحرتنا كتبه عن عوالم القراءة، وغيرهم الكثير، ممن وصلتنا أعمالهم مترجمة من الإسبانية، لكن علينا ألا نغفل أننا عرفنا، قبل ذلك بفترة طويلة نسبياً، اسم الشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا، حامل نوبل هو الآخر، لكن أشعاره وصلتنا، في الغالب، عبر لغات وسيطة، ولا يمكن أن ننسى الإرجنتيني خورخي لويس بورخيس، الذي تتوفر ترجمات عربية للكثير من كتبه، جزء كبير منها عبر لغة وسيطة، ومن بين ما ترجم له سيرته الذاتية التي وضعها عبد السلام باشا وصدرت في القاهرة عن دار «ميريت» قبل أكثر من عشرين عاماً.اسم بورخيس بالذات أثار جدلاً حول ما إذا كان أدبه يُصنّف كأدب أمريكي لاتيني أم أنه أدب أوروبي، وفي حوار مع أدباء من القارة اللاتينيــة نشــرت «أخبــار الأدب» ترجمــة له قبل نحو شهرين، تناول الكاتب المكسيكي كارلوس فوينتس ذلك، قائلاً إن القول بأوروبية بورخيس حقيقي وغير حقيقي في الآن ذاته، فبورخيس متفهم لهويته الأوروبية أكثر من أي كاتب أوروبي يقيم في أوروبا، لأنه ليس بوسع الأوروبيين أن يشعروا بالحنين إلى أوروبا كونهم فيهــا، وهــذا بالذات ما يجعل من بورخيس أرجنتينياً للغاية.وصفنا أمريكا اللاتينة بالقارة الساحرة، فليس غريباً أن يوصف جزء من أدبها بالواقعية السحرية، وسحر القارة مبثوث في ثنايا أدب القارة نحسّ به ونحن نقرأه، ولأن الحديث دار عن تلقينا، كقرّاء عرب، هذا الأدب، وجب التذكير بالهجرات العربية المبكرة، الشامية خاصة، إلى بلدان تلك القارة، وهو ما تناوله ألبرتو مانغويل في روايته «ستيفنسن تحت أشجار النخيل»، واصفاً شغف المهاجرين العرب إلى تلك المناطق البكر واندماجهم في نسيجها. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد