لا يمكن الكتابة عن فيلم الست بدون الحديث عن اللغط الدائر حوله، أو ملامسته من بعيد، فأنا لا أحب الجدال ولا الخوض في أمور لا تعنيني، ما يعنيني الفيلم، وهل أعجبني، ولو أنه لم يعجبني، لم أكتب عنه.
في البداية، وقبل أن أشاهده كانت هناك بطاقتان رابحتان من وجهة نظري، مروان حامد كمخرج متميز، ومنى زكي كممثلة بالنسبة لي تتربع على العرش الآن، وهناك أيضا الروائي الذي نجحت معظم وربما كل الأفلام التي كتب لها السيناريو أحمد مراد.
لا أتحمس عادة لمشاهدة أفلام السيرة التي تعنى بشخصيات عربية بارزة عرفتها وقرأت عنها وكانت أخبارها تملأ الصحف والمجلات، لأن الفيلم يصبح كالفيلم المأخوذ عن رواية قرأتها من قبل، باهت وغير مطابق لخيالك. لكن ذلك لم يحدث في فيلم الست، ذهبت وأنا شديدة الحماس لمشاهدته، ربما لأنني لم تكن لدي مشاعر خاصة تجاه الست، أو أن مشاعري كانت مرتبكة، فأنا أعشق أغانيها، لكنها كشخصيّة، سمعت وقرأت عن مواقف كثيرة لها لم تعجبني، بما فيها قصيدة شهيرة لشاعر كبير. ربما لذلك، وخصوصا بعد كل الاتهامات بالصورة السيئة التي رسمها الفيلم لأم كلثوم، ذهبت لأحسم مشاعري تجاهها.
حضرت الفيلم مع أختي، طلبت الحجم الكبير من الفشار واخترنا القاعة الفاخرة المريحة لأن مدة الفيلم تقارب الثلاث ساعات، لكننا لم نشعر بالوقت، لم أشعر بلحظة ملل، كانت هناك لحظات شعرت بأن المخرج أطال اللقطات فيها، مثل لقطات وقوعها على المسرح في بداية الفيلم لكن، لم يكن هناك ملل.
بدأ الفيلم، وتوقف للاستراحة في منتصفه، وأنا أنتظر الإساءات التي سمعت عنها، قلت لنفسي، ربما تبدأ الإساءات في الجزء الثاني، بعد أن تصبح مشهورة وكبيرة وقادرة، انتهى الفيلم وأنا أنتظر الإساءات التي لم تأتِ.
نظرت لي أختى بعد انتهاء العرض وقالت: الفيلم جعلني أحبها أكثر، لم أرد على أختي، لكنني في داخلي قلت: الفيلم جعلني أحب أم كلثوم. جعلني ذلك أدرك، أن كل شخصية في الحياة تحمل جوانب كثيرة، والفيلم ركز على الجوانب الإنسانية في أم كلثوم، أظهر الفيلم أم كلثوم المرأة القوية حين تجابه أموراً ومواقف عصيبة، في الإدارة، في الحب، في العائلة وفي الوطن. هي القادمة من البلدة الصغيرة، كيف ثقفت نفسها وكيف وصلت وأصبحت ملء السمع والبصر. وعلى العكس مما يدور أن الفيلم أساء لأم كلثوم، مسح الفيلم الحنق عليها تجاه القصبجي حين دافعت عنه في قسم الشرطة، وأظهر وطنيتها في المجهود الذي بذلته لجمع الأموال.
كل الفيلم كان قصيدة حب لامرأة عظيمة تستحق المنزلة التي تبوأتها في قلوب الناس.
وهذا المقال تحية إلى صناع الفيلم الذين أعادوا لي حب أم كلثوم.

