جميل مطر
جميل مطر
كثير جداً ما فعلته حرب غزة بنا، وبغيرنا، وأكثر منه تكشف عنه الأيام يوماً، بعد يوم. كله، على كل حال، أثار، ويثير جدلاً، وسوف يثير المزيد مع مرور الوقت. من الآن نختلف فيما بيننا. نختلف في صمت غالباً، ولكن نختلف بانفعال أحياناً. أشاهد فضائيات عربية وأعجب لفداحة الاختلافات، ليس بين بعضها بعضاً، بقدر ما هو بين شهر وآخر، وأحياناً بين نشرة وأخرى.
سمعت حوارات جادة حول تسمية ما يحدث، هل هي حرب في غزة، أو حرب في فلسطين، أم هي ثورة شعب في مقام وتاريخية ثورة الجزائر، أم هي عواقب فلتان في منظمة التحرير الفلسطينية يدفع ثمنه الشعب في غزة، ومخيمات الضفة، أم هي المرحلة الجديدة في حرب مستمرة تشنها الصهيونية العالمية هدفها المعلن بناء دولة إسرائيل التاريخية؟ أم هي مجرد مرحلة الفرصة السانحة، فرصة الاستفادة من حال انحدار أمريكا والغرب عموماً، ليس كمستودع لقيم معينة فقط، ولكن أيضاً كجماعة إمبراطورية سادت، ثم تحللت، فهي في أزمتها الراهنة تتعرض لانتكاسات ومظاهر ضعف متزايدة. كثيرة هي الاختلافات، ولكن أكثر منها، وأهَم مشاعر الغضب والاحتقان، و«الدعم الساكت»، والتضامن «شبه المستتر»، بين مختلف شعوب المنطقة، عربية وغير عربية.
ببساطة غير مفتعلة، أستطيع الزعم بأن الشرق الأوسط، وفي قلبه الإقليم العربي، يدخل الآن مرحلة متقدمة من مراحل تطوره، أو انحداره، متأثراً بما اصطلح الإعلام الرسمي في النظام العربي على تسميته بالحرب على غزة، وهي التسمية القاصرة عن الإلمام بالأبعاد المترامية للأهداف، الإقليمية والدولية، المتوخاة من هذه الحرب. كانت الحرب بالفعل، والرؤية الأعمق عملاً فاعلاً في الشرق الأوسط، كما في النظام الدولي، وكانت بالقدر نفسه عملاً كاشفاً. كثيرة بالفعل النتائج، أو العواقب المباشرة وغير المباشرة، الناجمة عن هذه الحرب، أعرض عناوين بعض ما اخترت منها في ما يلي:
حرب غزة، في كثير من جوانبها ونتائجها، عمل كاشف لنا، إن شئنا واحتجنا، كدول وقيادات وأفكار وأفراد، وهي عمل مؤسس لمستقبل يحاول البعض منا استجلاءه، بالتعاون مع قراء فناجين الغيب، وأوراق اللعب.