تكمن أهمية الدورات التدريبية في استهدافها تطوير الأداء الشخصي والمهني للأفراد. ولكن وفي عالم العمل الحديث لم تعد المهارات الفنية والتقنية وحدها كافية لضمان النجاح والتفوق والشعور بالرضا عن الذات، بل أصبحت تنمية الجانب الثقافي والإنساني لدى الموظفين أمراً تدركه المؤسسات وتعرف نتائجه وأهميته.
ويلعب إدخال التدريب الثقافي ضمن التدريبات الوظيفية دوراً حيوياً في تثقيف المتدربين واكتشاف الموهوبين منهم، مما يعزز من أداء المؤسسة ويزيد من رضا الموظفين القادرين على توسيع مداركهم الثقافية والفكرية.
ومن خلال توفير ورش عمل ودورات قصيرة ومواد تعليمية تغطي مختلف مجالات الثقافة والفنون، تسهم المؤسسات في تعزيز الإبداع والتفكير النقدي والتفكير الشامل لدى موظفيها، ويساعد تعريضهم لموضوعات فنية وأدبية على تحفيزهم للتفكير خارج الصندوق وتبني أفكار جديدة وغير تقليدية، مما يؤدي إلى حلول مبتكرة للمشكلات والتحديات التي تواجهها المؤسسات.
وتسهم الفنون بدور أكبر في تعزيز مهارات التواصل والتفاهم بين الأفراد، فالمشاركة في الأنشطة الثقافية تعلم الموظفين كيفية التعبير عن أفكارهم بشكل أفضل، وكيفية الاستماع بفاعلية للآخرين، وتدعم بناء فرق عمل أكثر تماسكاً وتعاوناً، وتساعد في تطوير مجموعة واسعة من مهاراتهم الشخصية، مثل مهارة التفكير النقدي وإدارة الوقت والقدرة على العمل تحت الضغط، وهي جميعها من المهارات الأساسية في أي بيئة عمل، وتسهم في تحسين أداء الموظفين بشكل عام.
كما يساعد تعريض الموظفين لمجالات ثقافية جديدة في اكتشافهم مواهب واهتمامات لم يكونوا على دراية بها من قبل، مما يفتح لهم أبواباً جديدة، ويشجعهم على تطوير مهاراتهم في مجالات مختلفة قد تكون مفيدة للمؤسسة مستقبلاً.
ويجب على المؤسسات تصميم برامج تدريبية مرنة وشاملة غير محصورة بالموضوعات العلمية أو الإدارية، بل تتضمن مجموعة واسعة من الموضوعات الثقافية المتنوعة من كافة المجالات مثل الفنون البصرية والموسيقى والأدب وفن المسرح والتاريخ، وإثراء أجندة المتدربين بورش عمل وجلسات نقاش وحضور فعاليات مسرحية وفنية لتبادل الأفكار والخبرات وتنويع طرق التعليم.
ويمكّن تثقيف المتدربين وتعزيز قدراتهم الإبداعية والفكرية جميع المؤسسات من خلق بيئة عمل متكاملة ومتنوعة لن تسهم فقط في تحسين الأداء المؤسسي، بل تساعد أيضاً في اكتشاف مواهب جديدة، وتوجه الموظفين نحو هوايات ومهارات تعود بالنفع عليهم في حياتهم المهنية والشخصية.