يتابع المراقبون في واشنطن والعالم تطور معارك قانونية وسياسية داخل المعسكرين المتواجهين انتخابياً بقيادة بايدن وترمب، وهذا التطور الفريد من نوعه لم يحصل في تاريخ أميركا السياسي، ولكنه بات يسيطر على الساحة الانتخابية حتى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حين ينتظر العالم من أميركا أن تنتج رئيساً فتخرج من حالتها المتخبطة لتواجه أزمات العالم في بداية 2025.
ماذا نعني أن هناك معركتين للحسم داخل المعسكرين؟
هذا لا يعني أن هناك صراعاً تقليدياً، أي سباقاً بين مرشحين في المرحلة الأولية، ولكنها مواجهات داخل المعسكرين بعدما حسما تعيين مرشحهما وليس قبل ذلك، قبل حسم المواجهة النهائية في نوفمبر. ويضيف المراقبون في واشنطن والعالم أن تطور المعركة القانونية داخل المعسكرين المتواجهين بقياده بايدن وترمب فريد من نوعه ولم يحصل في تاريخ أميركا السياسي، ولكنه يسيطر على الساحة الانتخابية حتى نوفمبر، وهذا تلخيص للواقع السياسي الداخلي الأميركي الفريد من نوعه.
تقليدياً في يوليو (تموز) من العام الانتخابي يكون المرشحان النهائيان باتا معروفيْن ومدعوميْن من قبل حزبيهما حتى قبل المؤتمريْن الحزبييْن، وبصورة عامة يتمتع الرئيس بدعم حزبه خلال مرحلة أبكر، ولكن المرشح المتحدي من قبل الحزب الآخر عليه أن يخوض معركة شرسة داخلية مع مرشحين آخرين، كما حصل مثلاً مع المرشح الجمهوري ميت رومني حين واجه مرشحين جمهوريين آخرين خلال حملة طويلة جداً عامي 2011 و2012، ليتمكن من الحصول على دعم قيادة الحزب الجمهوري، بينما الرئيس أوباما الذي كان يترشح للمرة الثانية لم تكن عنده صعوبات في هذا الاتجاه، وقد حصل الشيء نفسه مع المرشح الديمقراطي جون كيري عام 2004 عندما واجه الرئيس جورج دبليو بوش الذي حسم ترشيحه عن الحزب الجمهوري بسهولة، بينما كان على كيري أن يخوض معركة داخلية مع مرشحين ديمقراطيين آخرين.
ولكن في هذا العام باتت المسألة أكثر تعقيداً، فإذا كان الرئيس بايدن قد حسم خلال الأشهر الماضية ترشيحه عن الحزب الديمقراطي، فإنه كان على الرئيس السابق ترمب أن يخوض معارك كي يصل إلى الترشيح، ولكن ما حدث هذا العام كان بأسباب داخلية أو خارجية، فمع اقتراب المرشحين من الحقبة قبل النهائية في الحصول على ترشيح النهائي، انفجرت الأزمات غير الاعتيادية.
ويواجه الرئيس السابق ترمب حملة عدلية قانونية ضاغطة هدفها في النهاية إخراجه من حلبة الانتخابات الرئاسية، وهو أمر لم يواجه أي رئيس أميركي أو أي مرشح من الحزبين في السابق، أي أن يكون ترمب في مواجهة بايدن من ناحية، ومن ناحية أخرى تُرفع عشرات الدعاوى ضده في ولايات عدة، فهذا أمر جديد لم يكن معهوداً في السياسات الأميركية، فما هي خلاصة هذه المعركة داخل المعسكرين؟
المجابهة بين ترمب والأجهزة العدلية من محاكم إلى وزارات ومحامين عامين من جهة، وترمب وفريق دفاعه من جهة أخرى، هي فعلاً حرب في السياسة لم نشهدها منذ خروجه من البيت الأبيض عام 2021، وقد انقسم المحللون على وسائل الإعلام بين مؤيد له ومعارض، فأخصامه يشددون على أن هذه الملفات حقيقية وأن الرئيس السابق متهم وثبتت ضده جرائم معينه يعاقب عليها القانون، أما المدافعون عنه فيشددون على أن ظهور هذه الملفات مرة واحدة يشير إلى أن هناك فريقاً ينظم كل هذه الدعاوى ضد المرشح الجمهوري بهدف منعه من الوصول إلى سدة الترشيح الجمهوري رسمياً، وبالتالي استمراره مرشحاً للرئاسة.
السؤال الأول: ما هو موقف المحكمة العليا وهل ستحسم؟ أما السؤال الثاني فهو حول المعسكر المقابل: هل صحيح أن الديمقراطيون في حال حرب أهلية غير مرئية؟ وكيف ستحسم الحربان داخل المعسكرين؟
انتظروا المقالة المقبلة...