: آخر تحديث

أطفال منطقتنا

10
9
9

تناولتُ في مقال سابق النقاشات المتشعّبة، التي تدور داخل الكثير من الأُسر في أوقاتنا الحالية، لاختيار التخصص الذي ستذهب إليه الفتاة، أو يختاره الشاب في الجامعة. لكن تقريرًا صادمًا أوردته منصة «نبض»، بتاريخ 11 يونيو الجاري، أظهر أن «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة» (اليونيسكو) قد قدّرت عدد الأطفال المحرومين من خدمات التعليم بأكثر من 250 مليون طفل حول العالم. وكانت «اليونيسكو»، قد أصدرت تقريرًا في عام 2020، أشار إلى أن أعداد الأطفال في منطقة الشرق الأوسط تصل إلى 15 مليون طفل، وقد يصل هذا العدد إلى 20 مليون طفل بحلول 2030.

أطفال الوطن العربي، الذين لم تُتح لهم فرصة التعليم، موجودون في كل زاوية، ومؤكد سيكونون جزءًا رئيسيًا من حياتنا في السنوات القليلة المقبلة! في ليبيا، وسوريا، ولبنان، واليمن، والعراق، ومصر، والمغرب، ويبدو لافتًا أن فلسطين، وبالرغم من جميع النكبات التي تعرّضت وتتعرض لها، فإن أطفالها ينالون، بشكل أو بآخر، قسطًا من التعليم، وهذا ما يستحق التوقف عنده في مقال قادم!

ربما لسان حال البعض يقول: «لا دخل لي!». ويردد: «أولادي بخير، وهذا هو المهم!». لكني أرى أن الأمر ليس كذلك. ففي زمن العالم أصغر من قرية كونية، كيف يمكن التعامل مع شخص لا يعرف القراءة والكتابة؟ وما هي اللغة التي تنشأ بين شابين عربيين، أحدهما تخرج في الجامعة، والآخر لا يعرف كتابة اسمه؟! ثم ان هؤلاء الذين لا يعرفون القراءة والكتابة هم شباب المستقبل، وهم آباء وأمّهات أجيال قادمة، ويبدو الوضع مخيفًا أن يولد طفل، في زمن ثورة المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والتلفون الذكي، ويكون في حضن أسرة جاهلة لا تقرأ ولا تكتب؟!

تعلُّم القراءة والكتابة، لم يكن في يوم من الأيام ترفًا أو جاهًا أو منصبًا، فالقراءة والكتابة هما في صلب تعلّم الحياة، وقدرة الإنسان على التواصل مع الآخر أينما كان. وعليه فإن تصوّر شخص لا يُفرّق بين الرقم ٧ والرقم ٨ إلا بكون الأول مفتوحاً للأعلى والثاني للأسفل يبدو أمرًا في غاية التعقيد!

نحن شعوب منطقة «الخليج العربي» المشكلة ليست ببعيدة عنا، حيث تُشكّل العمالة الوافدة جزءًا أساسيًا من حياتنا، ويحتل الآخر الوافد مساحة كبيرة في خريطة يومنا! وبما يستوجب أخذ الحيطة والحذر منذ اللحظة، ووضع شرط التعلم/ القراءة والكتابة كشرط أساسي قبل جواز السفر.

القراءة والكتابة شأن إنساني يجتمع البشر من حوله، ولذا فإن وجود ملايين لا يعرفون القراءة والكتابة، يعني وجود مجاميع بشرية كثيرة، من حولنا، لا تنتمي للحظة العالم، ولا لتقدّم العالم، ولا لقضايا العالم! وبالتالي هي تعيش على حافة تناقض هائل، كونها تتعامل بالغريزة والتخمين، ومن حولها عالم يعيش بالذكاء الاصطناعي! وكم ستكون الحياة جحيمًا بوجود هؤلاء «المساكين»، الذين رمى بهم حظّهم الأسود في منطقة تعيش وتعتاش على الحرب والقتل والدمار!

طالب الرفاعي 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد