رسوم المدارس الخاصة، وما تشكله من عبء على الأهالي لارتفاع معظمها، جعلت الأهالي هذه الأيام يجدون أنفسهم في مواجهة تحدّ جديد يتمثل في تأمين كُلَف الدروس الخصوصية لأبنائهم، من مدرسين يستغلون هذه المرحلة بأسعار بعضها مرتفع وآخر جنوني.
الأهالي ليس بيدهم حيلة لتجنّب هذه الدروس، فهم لا يستطيعون مواكبة تعليم أبنائهم، وكثير منهم يجدون صعوبة في فهم مناهج الأبناء، فكيف لهم أن يساعدوهم على المذاكرة والتحضير للامتحان، وتحصيل النتائج التي يرجونها.
هنا الحل الوحيد، للأسف الاستعانة بمدرس، ولكن هل يعقل أن يصل أجر حصة لمدة ساعة، أكثر من معدل يومية هذا المدرس لدى الجهة التي يعمل معها بعقد.
وزارتا التربية والتعليم والموارد البشرية والتوطين، أقرّتا أخيراً، آلية عمل مشتركة، استحدثتا بموجبها «تصريح عمل التدريس الخصوصي»، بهدف تعزيز عملية التعلم، وضمان حوكمة الدروس الخصوصية خارج إطار المؤسسات التعليمية، وفق لوائح فاعلة ومنظمة، بعيداً من العشوائية.
هذه الخطوة التي وصفت بالإيجابية على الصعد كافة، لم يرافقها تسعير لهذه الدروس، وتركوا الأمر على غاربه بين الأهالي والمدرس، وهنا فإن الأمر مرهون برحمة المدرس ورأفته بالأسرة، وليس بقانون يحدد له أجره بطريقة منطقية.
وبسبب جائحة «كورونا»، واعتياد الناس على مسألة التعليم والعمل عن بُعد. المدرسون، كذلك، أجادوا استخدام هذه التقنيات، وتجد الكثير منهم يدرّسون الطلاب عن بُعد، ولا يتكبدون عناء التنقل أو ازدحام الطرقات، وليس عليهم أي كلف، تجعلهم يضعون أرقاماً كبيرة لسعر الحصة.
للدروس الخصوصية إيجابيات وسلبيات، فبعضها قد يرفع مستوى الطالب وتحصيله العلمي، ولكن بعضها الآخر له سلبيات، لأنه قد يكون مكملاً للحصة الدراسية التي قصّر المعلم في إعطائها لطلابه، فحولها لهم إلى درس خصوصي.
والكارثة أن بعض الأهالي، ولأجل التخلص من صداع أبنائهم، يجلبون مدرسين لأطفال في الصفوف الابتدائية، فتجد الطالب يعتاد على المذاكرة بمساعدة مدرس من بداية حياته التعليمية، ولا يكلف الأب أو الأم نفسيهما عناء المحاولة مع ابنهما أو تعليمه طريقة الاعتماد على نفسه.
أمام هذه الحال المتكررة سنوياً، لماذا لا تلجأ الوزارتان اللتان نظمتا، مسألة الدروس الخصوصية إلى إكمال مشوارهما بأن تسمحا بترخيص مراكز تعليم، يتلقّى فيها الطلاب دروس التقوية، قد تكون هذه المراكز تتبع للمدارس نفسها، أو تكون مراكز خاصة تضمّ مجموعة مدرسين لتدريس عدد من المناهج في أكثر من فصل، وهنا يكون الدرس لعدد من الطلاب، طبعاً ليس كما في المدرسة، ولكن تكون الكلفة أقل على الأهالي، ومن ثمّ تؤدي غرض التقوية والتحضير الجيد للامتحان.