: آخر تحديث

ارتباك أوكراني وغربي

11
10
11
مواضيع ذات صلة

من مفارقات الصراع الدائر في أوكرانيا أن كييف تطمح إلى تجنيد نصف مليون مقاتل لمحاربة روسيا، بعد فشل الهجوم المضاد وإفلاسه عسكرياً وسياسياً، بينما يعلن الجيش الأوكراني أنه لا يجد العدد المطلوب من المجندين للتعبئة، ولا توجد أموال كافية لإعداد هذا العدد الهائل من الجنود، بعدما طغى الإحباط والارتباك على الجبهات، وجفت قنوات الدعم الغربية ولم تعد على الطاولة أصلاً.

بالتزامن مع إصدار الرئيس فولودومير زيلينسكي أمره بالبحث عن جنود، عرض نظيره الروسي فلاديمير بوتين التفاوض لتحقيق السلام وفق شروطه التي بنى عليها عمليته العسكرية الخاصة. والتضارب بين الرجلين لا يحتاج الى تفسير، فالأول لا يريد التسليم بالهزيمة ومازال يتوهم أن حلفاءه الغربيين، والأمريكيين خصوصاً، مازالوا بكامل لياقتهم وبإمكانهم مده بما يريد من مال وسلاح. أما الثاني فقد استبعد أي تعبئة عسكرية جديدة، وبدا واثقاً بالفوز، لكنه ليس في عجلة من أمره لإعلان النصر في «العملية الخاصة»، في انتظار أن تتضح نتائج المعارك، المعلنة والخفية، الدائرة خارج الميدان الأوكراني.

الانتصار في الحرب ليس أمنية يمكن أن تتحقق بالدعوات، بل هو منجز يتم عندما تتوافر له شروط الثبات والديمومة والنجاح. وبالنسبة إلى أوكرانيا فإن هذه الشروط أخذت تتداعى الواحد تلو الآخر. وإذا كان الوضع الداخلي آيل للتفكك والانهيار، فإن الدعم الخارجي القادم من الغرب يتآكل ويتهاوى بفعل التجاذبات السياسية في الدول الأوروبية والخلافات الحادة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة. ولأن الغرب مرتبك أيضاً ولا يستطيع أن يتنازل عن كبريائه ويعترف بأن سياسة الوقوف مع كييف لم تحقق أهدافها، مازال يعول عن مفاجآت من خارج الميدان يمكن أن تغير مسار الحرب، كأن يحدث شيء ما في روسيا، أو تتدخل قوى حليفة لموسكو، مثل الصين، لإقناعها بوقف الحرب والعودة إلى حدود ما قبل 24 فبراير 2022.

كل الظروف الميدانية في أوكرانيا تفيد بأن الصراع، في إطاره الحالي، يلفظ أنفاسه الأخيرة وبات قاب شهرين أو أدنى من نهايته أو جموده، إلا إذا شاء «سيزيف الأوكراني» أن يستمر في معاناته ومناطحة القوة الروسية المعتدة بذاتها، والتي تعلن أنها تواجه الغرب كله ولن تستسلم. ومع بداية العام المقبل، سيتضح من سيصرخ أولاً، وعندها قد يجوز الحديث عن ترتيبات جديدة، إذا اكتفت روسيا بما حققته من مكاسب واقتنعت أوكرانيا بالواقع المستجد، وامتلك الغرب الشجاعة وأقر بأن العالم أفلت من هيمنته، ولم يعد وحده صانع التاريخ.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.