: آخر تحديث

هل يستمع العالم إلى غوتيرش؟

8
12
13
مواضيع ذات صلة

في تصريحات لا تنقصها الجرأة، يجزم المراقب للشؤون الدولية، أنها جاءت من قبيل المفاجأة، للمجتمعين في هيروشيما الأيام القليلة الماضية، من قادة وزعماء دول مجموعة السبع الكبار، لم يتردد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في أن يطالب بتغييرات شاملة على صعيد هيكلية المؤسسات السياسية والمالية الحاكمة حول العالم، لا سيما تلك التي أنشأتها الولايات المتحدة الأميركية، بعد إنتصارها الكبير في الحرب العالمية الثانية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطوني غوتيريش، لم يعرف عنه ميله أو رغبته في إثارة النزاعات، لا سيما مع الأقطاب الدولية الكبرى، سيما الولايات المتحدة الأميركية، مالئة الدنيا وشاغلة الناس، غير أنه في هذه المرة دعا إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي، ومؤسسات نظام بريتون وودز، إنطلاقاً من أنها لا تمثل الواقع الدولي المعاصر، بل تعبر عن أوضاع تجاوزها الزمن بنحو ثمانية عقود.

جاءت تصريحات غوتيريش للصحافيين، حيث أكد على أن النظام المالي العالمي الذي أسسته واشنطن، أي نظام بريتون وودز، لم يعد ملاءماً للأوضاع الدولية اليوم، وأضحى غير قادر على أداء وظيفته الأساسية كشبكة أمان عالمية.

هل تنطلق تصريحات غوتيريش في هذه الجزئية تحديداً من عند الأزمة المالية الأميركية، وارتفاع سقف الدين بصورة مخيفة، ومستقبل الاقتصاد العالمي، حتى لو توصل الحزبان الكبيران الأميركيان إلى صيغة لتجاوز الخطر؟ أغلب الظن أن ذلك كذلك، والخوف كل الخوف من أن تكون السياسات الأميركية المالية، سبباً مباشراً لتعرض العالم لأزمة مالية تتجاوز أزمة التوريق، أو أزمة الرهونات العقارية، تلك التي ضربت أميركا وبقية العالم عام 2008.
يؤمن غوتيريش بأن الهيكل المالي العالمي، قد عفا عليه الزمن، وبات غير عادل، لا سيما في ظل خلفية الاضطراب الاقتصادي الذي خلفته أزمة الفيروس الشائه كوفيد-19، وتالياً النزاع الروسي الأوكراني، والذي ستظهر تبعاته في الأعوام القادمة من غير أدنى شك.

حديث غوتيريش عن التراتبية المالية العالمية، على هامش تلك القمة، لم يكن أمراً عشوائياً، فالرجل يتحدث أمام السبعة العظماء مالياً، والذين أقصوا روسيا وعزلوها من بينهم، بعد ضمها شبه جزيرة القرم، ولديهم مخططاتهم الخاصة تجاه الصين، وفي المقدمة منها مفهوم «فك الإرتباط».

توقف غوتيريش كذلك عند ضرورة إدخال إصلاحات على مجلس الأمن الدولي، وهو أمر مرتبط ولاشك بهيكلية الأمم المتحدة، حيث الحديث دائرة منذ العام 1995، وعهد الأمين العام الراحل الدكتور بطرس غالي، الذي ما أنفك يطالب بخطة لإصلاح المؤسسة الدولية وتطوير أدائها، وهو ما حاول أن يستكمله من بعده كوفي عنان، ولا يزال الوضع كما هو، رغم تغير سياقات الزمن.

أما عن مجلس الأمن بصورة خاصة، فلم يعد العالم قاصراً على العظماء الخمسة، وفي العقدين القادمين، سوف تظهر قوى قطبية مكافئة، ما يجعل توزيع المقاعد غير عادل، الأمر الذي يهدد بالإنصراف عن تلك المنظمة وذهابها أدراج الرياح.

أما الصيحة الأهم التي أطلقها غوتيريش، فكانت تحذيره من اتجاه العالم نحو الاحترار العالمي بمقدار 2.8 درجة بحلول نهاية القرن، الأمر الذي تفيد بعض التقارير بتهديده لملياري نسمة بالهلاك وربما مثلهم أو ضعفهم بالتغيرات الإيكولوجية القاتلة.
هل يستمع العالم إلى غوتيريش قبل فوات الأوان؟
*كاتب مصري


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد