: آخر تحديث

ما بعد الحرب الأوكرانية انقسامات أم اصطفافات؟؟

21
18
24
مواضيع ذات صلة

السؤال الذي يتصدر عمودنا اليوم يأتي على خلفية ما نتابعه قراءةً أو استماعاً لحوارات ومناقشات واحياناً لسجالاتٍ ساخنة حول خارطة عالم ما بعد الحرب الأوكرانية، وهل هو عالم جديد كما قال البعض وتوقع أم سيكون عودةً إلى عالم الحرب الباردة والمعسكرات الشرقية والغربية.

باختصار هل هو نقلة أم هو عودة؟؟ لا مجال هنا للتنبؤات في حرب ساحتها أوكرانيا واللاعبون فيها بشتى الاسلحة وبجميع وسائل القوة هم «الكبار» الذين قادوا مقادير العالم لعقودٍ طويلة، وهم الذين زجوا بالعالم في حرب «ثالثة» ساحتها أوكرانيا وتداعياتها تكاد تشمل الكرة الارضية.

لا طرف يستطيع ان يشعر بأنه يقف فوق أرض صلبة لا أمريكا بكل هيلمانها ولا روسيا بقيصرها «بوتين» وأوروبا بزعامتها، والحرب أزالت اوهاماً كثيرة وكشفت دور الدعايات والبروباغندا في تضخيم تلك الاطراف حتى جاءت الحرب لتنزع اوهاماً وتكشف حقائق وتفاصيل وضعت كل طرف في حجمه الحقيقي، وان الجميع يحتاج للجميع، وليس من مصلحة احدٍ هدم «المعبد البشري الكوني».

قال البعض أوروبا اكتشفت في هذه الحرب انها بحاجةٍ للتحرر اكثر من قراراتها وخياراتها من شبه الهيمنة أو التأثير الامريكي على قراراتها بل ان احزاباً وتنظيمات وكتابا ومثقفين في اوروبا هاجموا القيادات الاوروبية الحالية فيما اطلقوا عليه «الذيلية الاوروبية لامريكا».

ولربما كان هذا التوصيف قاسياً إلى حدٍ ما، لكن الخروج او الابتعاد عن التأثير الامريكي يكاد يكون هو هاجس الجميع في أوربا بما فيهم زعماؤها الحاليون الذين وجد البعض منهم انه في ورطة ان اتخذ خطوة الابتعاد حتى لا تتهم بلاده بشق جدار الحلفاء ضد روسيا.

لكن الملاحظ ان اندفاعات جونسون رئيس الوزراء البريطاني قد هدأت غلواؤها كثيراً وخفت حدة تصريحاته شبه اليومية بداية الحرب، وكذلك بدا ماكرون «يجر ناعم» مع روسيا في تصريحاته كما لم يقطع جسوره مع موسكو، ولعله سيستحق لقب الوسيط الأوروبي مع الكرملين الذي لا يريد هو الآخر نسف جسوره الاوروبية وان كان الدفع بالروبل يشكل لغماً فوق هذه الجسور الممتدة من موسكو إلى أوروبا.

الكرملين اراد ان يلعب لعبة تبادل الادوار وتوزيعها بين بوتين «القيصر» وبين وزير خارجيته لافروف القاسي القسمات والذي صعد من لهجته في مؤتمراته الصحفية والاعلامية فظهر بصورة قيصرٍ آخر.

لكن موازين الحرب واتجاهاتها ونتائجها على الأرض هي التي ستحدد شكل خارطة عالم جديد توقع الكثيرون ان يقوم على انقاض عالم ما قبل الحرب.

الطاقة والنفط تحديداً وحده لم يُسيس ونجح قادة اوبك بلاس في ذلك واجتازوا فترة عصيبة هي فترة بدايات الحرب وما رافقها وتزامن معها من ضغوطٍ هائلة قادتها إدارة بايدن ودخلت على خطها أوروبا عبر جونسون رئيس الوزراء البريطاني، لكن جميع محاولات تسييس النفط والطاقة لم تنجح.

 أمريكا الآن والحرب قائمة على أشدها ليست في أحسن حالاتها عالمياً، بل تراجعت حتى في هيبتها في زمن بايدن الذي يتوسل أو يتسول كبار مفاوضيه توقيع إيران على الاتفاق النووي مع تنازلات أمريكية لا تخطئها العين وتراجعات عن قرارات لها سابقة.

وتلك الهيبة التي كانت لها اهتزت صورتها كثيراً في العالم لا سيما حين تابع الجميع ايران وهي تملي شروطها على إدارة بايدن حتى توقع ان توافق على الاتفاق النووي الذي كان النظام الايراني يتسوله من واشنطن لكنه «النظام الايراني» وقد لاحظ تراخي واشنطن واهتزازها اصبح هو الجانب الذي يملي شروطه.

هذه المشاهد التي عرضناها بسرعةٍ هنا ربما تؤشر إلى خارطة عالمٍ جديد بدأ في التشكل بشكل مبهم أو ضبابي لا نريد ان نتسرع مدفوعين بايقاع الحرب فنضع تصوراً لخارطةٍ لم تظهر تضاريسها ونتائج الحرب لم تُحسم سياسياً أو اقتصادياً، لكننا نسأل مع المتسائلين عن احتمال خارطة عالم جديد لما بعد الحرب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد