من ضمن ما طالب به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اجتماعه الأخير مع المفوضية الأوروبية، بمناسبة الحرب الروسية الأوكرانية، أن تكتفي أوروبا وتكون لها السيادة والاستقلال عن الخارج -غذائياً- بما يعني عدم استيراده مع زيادة الإنتاج الأوروبي للغذاء!.
وفي المطالبة إشارة قوية إلى إمكانية اندلاع حرب عالمية بين الغرب بقيادة أمريكا وأوروبا وبين الشرق بقيادة روسيا وربّما الصين فيما لو جُرّت لمثل هذه المواجهة، وانعكاسها السلبي على توفير الغذاء على مستوى العالم.
وإذا كانت أوروبا المتطوّرة في إنتاج الغذاء تفكّر هكذا، وهذا من حقّها، وهو تفكير سليم، فالوقاية خير من العلاج، والاستعداد لأي طارئ واجب، ومن يستعد فهو الحكيم، ومن لا يستعد فهو في وضع صعيب، فما بال بعض الدول العربية والإسلامية محدودة الدخل والإمكانيات؟ هل هناك خطط غذائية لديها تخصّ الاكتفاء والسيادة والاستقلال؟ وليس الغذاء فقط بل معه الدواء، بما يشمل موادّهما ومعدّاتهما وأجهزتهما التي ما زالت هذه الدول تستورد جُلّها، وتعتمد بشكل شبه كامل على دول العالم المتطوّرة في الحصول عليها، وفي زمن الحرب لن تجد ما كانت تجده بسهولة في زمن السلم، ولن ينظر العالم إليها في زمن الحرب بنفس العين التي كان ينظر إليها في زمن السلم، وهو أمر خطير ويمسّ أهمّ ما يحتاج إليه مواطنوها كي تسير معهم عجلة الحياة، وينبغي عدم إغفاله والتفاجؤ به، فهو أمر مُروِّع!.
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ العالم يمرّ بمرحلة مفصلية، قد تكثر فيها الحروب الاقتصادية والعسكرية، وأنّ الاعتماد على النفس في صناعة الغذاء والدواء هو أمر مُستحبّ لكلّ دولة، لتسارع الظروف العالمية بأسرع من الضوء، وتطوير الزراعة والصناعة كمّاً ونوعاً وعمالةً بشرية وطنية شيء مطلوب ولا غنى عنه، فما يحكّ جلد الإنسان مثل ظفره، وما يُغذّيه مثل برّه وبحره، وما يُداويه مثل ما تصنعه يداه، والاكتفاء المحلي من الغذاء والدواء والسيادة والاستقلال هي حاجة أساسية وليست كمالية، والله عزّ وجلّ تكفّل بإطعام عباده من جوع، وتأمينهم من خوف، بعبادته وحده وحُسْن التوكّل عليه.
ويا أمان الإنسان من حروب الأزمان!.

