: آخر تحديث

اليُتم السياسي!

35
25
31
مواضيع ذات صلة

عشت شخصياً اليُتم الاجتماعي بعد فقدان والدي ووالدتي وأخي الأكبر منذ سنوات رحمة الله عليهم.. لكنني اليوم أعيش حالة جديدة من اليُتم.. اليُتم السياسي والاجتماعي معاً بعد رحيل المناضل العروبي الشهم الراحل الدكتور أحمد الخطيب.

أكتب هذه السطور بيد مرتعشة، مناجياً روح الرمز الوطني والطبيب والبرلماني المخضرم الدكتور أحمد الخطيب، نائب رئيس المجلس التأسيسي، الذي ودعنا يوم الأحد 6 مارس 2022.. ودعنا بهدوء شديد كما عهدناه مسالماً ومحباً للجميع.. مبتسماً حتى في أشد الظروف.

أناجي روح الدكتور أحمد الخطيب ورعشة اليد لا ترحم قلب مكلوم.. روحٌ تحاول شق الطريق نحو الكتابة والتعبير ليس بهدف الوداع، فذكرى الفقيد العطرة ستظل خالدة وإرثه السياسي سيظل محفوراً في وجدان الشعب الكويتي والأمة العربية ككل.

غرس الدكتور أحمد الخطيب السمو فوق الجراح والخلافات والعداء أيضاً.. غرس الوفاء للأوطان ودستور الكويت، الذي ساهم في وضع لبناته الأولى.. غرس المحبة، بل فرضها على من اختلف معه ومن اشتعلت لديه نار العداء ضد توجهات حكيم الكويت ومواقفه وأهدافه ونضاله.

تصورت أن ثمرة رحلتي إلى لندن ستكون المحور الأول من اللقاء مع الدكتور الخطيب، خصوصاً في جانبها السياسي وما تمخضت عنه الزيارة من نتائج مثمرة، ولكن الأجل المحتوم حال دون ذلك.. ربما لندشن مسيرة تحمل المسؤولية الوطنية مع غيري من الأوفياء.

سطر الدكتور أحمد الخطيب نموذجاً من الحكمة السياسية والنضال الحقيقي وصلابة الموقف وليس ترف الحديث وزيف الموقف السياسي، كما فعل ويفعل غيره ممن عبروا نحو مصالحهم فوق جسر صحيفة «الطليعة» ومن خلال دعم الدكتور الخطيب!

ليس مستغرباً أن يطوي بعض الانتهازيين صفحات السبعينيات وموقف «الطليعة» وتحديداً الدكتور أحمد الخطيب مع ناكري الحقيقة والمتلونين في علم الاجتماع السياسي.. بعد أن هطلت السماء ذهباً عليهم وباعوا كل شيء دون خجل ووجل.

لم يكلف هؤلاء الانتهازيون أنفسهم في رثاء الدكتور الخطيب أو حتى المجاملة في كلمة زائفة لذر الرماد بالعيون.. فهم محترفون في ذلك.. لكن المال أعمى بصيرتهم حتى في هذا العصر، فالمال والمصالح طغت، بل أعمت الضمائر!

نعيش اليوم اليُتم السياسي بعد رحيل الدكتور أحمد الخطيب.. فمن الصعب، بل من المستحيل أن ينسى أو يتناسى شعب الكويت الوفي قامة وطنية.. صريحة للغاية لا تخشى الحديث حتى في أحلك الظروف ومواجهة شتى التحديات السياسية.

فحين اشتدت الأزمات وتعمق الانحراف البرلماني والسياسي، ناجى الدكتور أحمد الخطيب روح رفيقه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، وها نحن نناجي روح الدكتور أحمد الخطيب.

نناجي الراحل الدكتور أحمد الخطيب بأبيات من الشعر للأخ الكبير الشاعر خليفة الوقيان:

تَغيبُ وعِطرُ ذِكْركَ لا يغيبُ

ومِثلُكَ لا تُغَيّبُهُ الدروبُ

جَسارةُ موقِفٍ وثَباتُ رأيٍ

وعزمٌ لا تُزَعزعُهُ الخطوبُ

تَزاحمت المفاخِرُ فيكَ تَتْرى

خَصِيبٌ أمْ طَبيبٌ أمْ خَطيبُ

جَمَعتَ مكارمَ الأخلاقِ طُرّاً

سماحةُ عارفٍ ونَدىً وطِيبُ

أبا العَزَماتِ تَقهرُ كُلَّ صعبٍ

فأنتَ لكلِّ نازلةٍ طَبيبُ

عَركْتَ عواصفَ الأيامِ لَمّا

تَسَنّمَ مَتْنَها قَدَرٌ عصيبُ

فكنتَ منارةَ العُشاقِ سَعياً

إلى فجرٍ تُطالعُهُ القلوبُ

نحن على العهد باقون في حماية دستور 1962 والدفاع عن مصالح الدولة والشعب، وهو أقل ما يمكن أن نقدمه تكريماً لنهج ومسيرة الدكتور أحمد الخطيب ونضاله التاريخي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد