مكرم محمد أحمد
حقل ظهر واحد من عجائب المصريين، التى يستطيع الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يباهى بها العالم أجمع، وأحد إنجازاتهم التاريخية المبهرة التى تستحق فخار كل مصرى، لأنها غيرت مسار الدولة المصرية فى ظروف صعبة وحالكة، وكانت بشارة الأمل التى أكدت لهم أن فرج الله قريب حتى فى أسوأ الأحوال، كما أنها أعطتهم فرصة أن يثبتوا للعالم أجمع أنهم قادرون على أن يحققوا فى زمن قياسى ما لا يستطيع غيرهم تحقيقه، وهذه ليست مجرد كلمات عابرة أقولها، ولكنها شهادة موثقة من كلاديو ديكاليزى الرئيس التنفيذى لشركة إينى الإيطالية التى اكتشفت حقل ظهر وشاركت المصريين صنع هذه المعجزة الكبرى.
وجه الإعجاز فيما حدث، أن يتم خلال 28 شهراً حفر 6 آبار فى مياه المتوسط العميقة على عمق يزيد على 4 كيلو مترات وعلى مسافة تصل إلى 190 كيلو متراً من شاطئ بورسعيد، وأن تنجح الشركات المصرية فى بناء المنصة البحرية التى تتحكم فى إدارة الآبار الست، وأن تتعاون 130 شركة عالمية ومصرية خلال 29 مليون ساعة عمل على بناء هذا الصرح الضخم الذى يتكلف إنشاؤه 12 مليار دولار، تمت بالفعل مرحلته الأولى فى غضون 28 شهراً بدلاً من أربعة أعوام وبتكلفة خمسة مليارات دولار من خلال تصنيع 22 ألف طن من المعدات الثقيلة، تشمل أقمصة الحديد للآبار الست حتى عمق 4 كيلومترات، وإقامة المنصة البحرية فى عرض البحر التى تكاد تكون أشبه بعمارة متعددة الأدوار على جانب من سطحها مطار تهبط عليه طائرة هليوكوبتر، أسفلها تمتد شبكة الأنابيب فى عمق المتوسط تنقل البترول الخام الذى ترفعه المضخات من عمق الآبار إلى الشاطئ على مسافة مائتى كيلومتر حيث محطات التكرير والإسالة.
بدأ التشغيل التجريبى فى ديسمبر الماضى لهذا الكيان الهندسى التكنولوجى المهول بشقيه داخل البحر وعلى الشاطئ على مسافة 20 كيلومتراً من مدينة بورسعيد بطاقة إنتاج تصل إلى 350 مليون قدم من الغاز يومياً، ترتفع إلى مليار قدم مكعب قبل نهاية 2018 لتصل مع نهاية عام 2019 إلى 2٫7 مليار قدم مكعب يومياً تمثل ذروة إنتاج حقل ظهر، لكن الرئيس السيسى يصر على إختصار هذا الزمن ليبلغ الحقل ذروة إنتاجه مع بداية عام 2019، ولهذا شد ديكاليزى شعره أمام حضور الافتتاح لأن ما يطلبه الرئيس السيسى ضخم وهائل، وللعلم فإن الآبار الست تسحب من احتياطات حقل يحتوى على 30 تريليون قدم مكعب تكفى احتياجات مصر ويبقى قدر كبير من الفائض للتصدير، يمكن مصر من أن تكون مركزاً إقليمياً مهماً لتصدير الغاز خاصة أن نجاح حقل ظهر يحفز شركات الغاز على التنقيب فى كل شبر من مياه المتوسط.
لماذا سموه «ظهراً»، لأنه أول منطقة تسطع عليها شمس مصر صباحاً فى عرض المتوسط، ولماذا سموا المنطقة شروقا،ً لأن حقل ظهر يمثل بالنسبة لمصر أول شروق لأمل عظيم عملاق، أنجز المصريون مرحلته الأولى فى 28 شهراً بدلاً من 4 سنوات فى عمل خارق يكاد يكون معجزة، كان الرئيس السيسى يتابع أطرافه على مدار اليوم والساعة إلى حد معرفته بكل تفاصيل هذا العمل الكبير وابتداءً من ديسمبر الماضى كان الحقل يوفر لمصر كل شهر 250 مليون دولار كنا ندفعها لتدبير بعض احتياجاتنا من الطاقة وبنهاية التشغيل التجريبى بعد شهور سوف تمتنع مصر عن إستيراد الغاز لأن الإنتاج المحلى بات يكفيها. كان المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء الآن واحداً من أبطال هذه الأسطورة وزيراً للبترول، تولى منصبه فى ظروف صعبة، حيث كانت مصر لاتزال تعانى آثار الفوضى المدمرة التى ضربتها بعد ثورة يناير واستمرت إلى ثورة 30 يونيو، وكان موقف مصر فى قضية الطاقة غاية فى السوء، الإنتاج شبه متوقف، وأعمال البحث والإستكشاف معطلة تماماً، وفاتورة استيراد الغاز وصلت إلى 250 مليون دولار فى الشهر، وحجم المتأخرات من استحقاق شركات البترول جاوز 6٫5 مليار دولار بينما هبطت أرصدة احتياطيات النقد الأجنبى فى الخزانة المصرية إلى حد الحضيض، ومصر تأكل من لحم أكتافها إلى أن قاربت إحتياطياتها النقدية على النفاد، ولم يعد هناك بد من الإفلاس، ثم جاءت بشارة حقل ظهر، نقلها وزير البترول شريف إسماعيل إلى الرئيس السيسى الذى تشبث بها واعتبرها طوق النجاة الذى سوف ينقذ مصر من الغرق، لكن الحقيقة غير ذلك، لأن الرئيس السيسى كان بالفعل طوق النجاة الحقيقى لمصر فى هذه الأيام الحالكة عندما خرج 30 مليون مصرى إلى الشوارع فى أكبر تظاهرة عرفها العالم يطالبون بسقوط المرشد والجماعة.