إيلاف من بيروت: تركيا تغلي سياسيًا بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان. وبينما تعيش البلاد على وقع التوتر، انتشر مقطع فيديو كالنار في الهشيم، يُظهر تدفق حشود ضخمة على طول طريق واسع، مع تعليقات تزعم: "تركيا تنتفض.. إسطنبول تثور ضد أردوغان!". لكن، هل هذا ما حدث فعلًا؟ أم أن ملايين المستخدمين وقعوا في فخ التضليل الإعلامي؟ الفيديو الذي خدع الجميع! سرعان ما تبين أن المشاهد المتداولة ليست سوى خدعة بصرية بُنيت على معلومات مغلوطة. لكن المفاجأة الأكبر؟ الفيديو لا يمت بصلة إلى تركيا على الإطلاق! بل يُوثق حدثًا دينيًا في تيمور الشرقية، حيث احتشد ما يقارب 600 ألف شخص لحضور قداس أحياه البابا فرنسيس في العاصمة ديلي، في أيلول (سبتمبر) 2024. ويخضع أكرم إمام أوغلو لتحقيقات في قضايا "فساد وإرهاب"، بينما اعتبرت المعارضة أن الخطوة ذات "دوافع سياسية". وحصد الفيديو مئات الآلاف من المشاهدات والتفاعلات عبر مختلف المنصات الاجتماعية. وأظهر المقطع تدفقًا لحشد كبير من الناس على طول طريق. وصاحب المقطع تعليقات تقول: يقول: "مشاهد لبحيرات بشرية في تركيا احتجاجًا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى". إلى جانب تعليقات أخرى تقول: و"تركيا تنتفض. في هذه الأثناء، خرج حشود كبيرة في إسطنبول للمطالبة باستقالة أردوغان بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول". لماذا يجري التلاعب بالمحتوى الرقمي؟ ولم يتضح بعد من يقف تحديدًا وراء إعادة نشر هذا المقطع في السياق التركي، لكن مثل هذه المواد غالبًا ما تُستخدم من قبل أطراف تسعى إلى تأجيج المشاعر الشعبية، سواء كانوا معارضين سياسيين أو حتى جهات خارجية تستغل الأزمات. عموماً، تخدم الفيديوهات المفبركة او المضللة او التي يعاد نشرها في خارج سياقها الزمني الصحيح إلى التأثير على الرأي العام وتوجيهه وفق أجندات معينة. كما تهدف الفيديوهات المضللة الى احداث الفوضى الرقمية، حيث يسهم انتشارها بزيادة حالة الإرباك وعدم الثقة بالمصادر الرسمية.
الفيديو المتداول لما قيل انه احتجاجات مناهضة لأردوغان (Credit: Tiktok/@rey.marques)
فقد كشف تحليل البحث العكسي أن هذا المقطع سبق تداوله في سياقات أخرى غير صحيحة، منها أنه يُظهر "أكبر عملية نزوح في تاريخ أميركا" بسبب حرائق لوس أنجلوس، ثم أعيد استخدامه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي خلال إعصار ميلتون في فلوريدا.
ويمكن بوضوح رؤية صورة البابا خلال المقطع، ما يثبت التلاعب الصارخ بالسياق.
منشور يعيد نشر الفيديو المتداول لكن في سياق مُضلل!
منشور آخر يحتوي الفيديو المتداول مع سياق مٌضلل
فإعادة تدوير الفيديوهات المضللة ليس مجرد خطأ بريء، بل ناتج عن استغلال اللحظات الساخنة. ففي هذا الفيديو مثلا الذي نشر في ظل تصاعد الاحتقان السياسي في تركيا، يصبح الجمهور أكثر عُرضة لتصديق أي محتوى يتناسب مع مشاعره.
النتيجة؟ صدمة وفضيحة رقمية!
ما حدث يُعد صفعة قوية لثقافة "المشاركة قبل التحقق" التي أصبحت سائدة على وسائل التواصل. ملايين المستخدمين وقعوا في الفخ، وتم التلاعب بمشاعرهم عبر مقطع لا علاقة له بالأحداث الجارية في تركيا.
كم مرة تعرضنا للخداع دون أن ندري؟