: آخر تحديث
كارني يتعهد بردٍّ قاسٍ على التعريفات الجمركية

"سننتصر كما في الهوكي".. من هو رئيس وزراء كندا الجديد الذي أعلن الحرب على ترامب؟

5
5
4

إيلاف من لندن: انتُخب مارك كارني زعيماً جديداً للحزب الليبرالي الكندي، ليصبح رئيس الوزراء القادم خلفاً لجاستن ترودو، الذي تنحّى عن منصبه بعد ما يقارب عقداً في الحكم.
لم يكن فوز كارني مجرد انتقال للسلطة داخل الحزب، بل جاء بأغلبية ساحقة بلغت 85.9%، متفوقاً على ثلاثة منافسين، أبرزهم وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند.
وفي لحظة إعلان النتائج، احتشد أكثر من 1600 من أنصار الحزب الليبرالي في العاصمة أوتاوا، حيث علت الهتافات مع صعود كارني إلى المنصة.
لكن بدلاً من خطاب تهنئة تقليدي، وجّه كارني أولى سهامه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعاد إشعال الحرب التجارية مع كندا بفرضه رسوماً جمركية بنسبة 25% على السلع الكندية قبل أيام فقط من إعلان النتائج.

"كندا ستنتصر في الحرب التجارية مع أميركا"
لم يُضِع كارني أي وقت في توضيح موقفه من التصعيد الأميركي، إذ قال في خطابه الصارم: "في التجارة، كما هو في الهوكي، كندا ستفوز"، مضيفاً أن ترامب يسعى لتحويل كندا إلى الولاية رقم 51، وهو ما وصفه بـ"الوهم".

وشن هجوماً لاذعاً على سياسة الرئيس الأميركي، متعهداً بعدم السماح له "بالتلاعب بمصير الشركات والعمال الكنديين". وذهب أبعد من ذلك حين قال: "هذه أيام مظلمة بسبب دولة لم نعد نستطيع الوثوق بها"، مشيراً إلى ضرورة أن تعتمد كندا على نفسها في مواجهة تداعيات الحمائية الاقتصادية الأميركية.

وردّت كندا بسرعة على الرسوم الأميركية بفرض تعريفات جمركية تصعيدية، في خطوة وصفها كارني بأنها "رسالة واضحة إلى واشنطن بأن كندا لن تقف مكتوفة الأيدي". ومع ذلك، يبدو أن المواجهة مع ترامب لن تقتصر على التجارة، بل تشمل أيضاً ملف الحدود والهجرة، إذ تعهد كارني بتأمين الحدود الكندية بعد اتهامات أميركية بأن كندا تفشل في وقف تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة.

تحولات كبرى داخل الحزب الليبرالي بعد ترودو
يأتي صعود كارني إلى قيادة الليبراليين بعد مرحلة اضطراب سياسي داخل الحزب، إذ أجبر تراجع شعبية ترودو، الذي واجه انتقادات بسبب أزمة الإسكان وارتفاع تكلفة المعيشة، على إعلان استقالته في كانون الثاني (يناير) الماضي.

مع رحيل ترودو، سعى الحزب إلى إعادة التموضع سياسياً، مستغلاً تصعيد ترامب ضد كندا لزيادة شعبيته. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الليبراليين نجحوا في تضييق الفجوة مع المحافظين بقيادة بيير بواليفير، بعد أن كانوا متأخرين بأكثر من 20 نقطة في استطلاعات الرأي قبل أشهر فقط.

المحافظون يشنون هجوماً مضاداً
رغم أن كارني حاول تقديم نفسه كوجه جديد، إلا أن المحافظين لم يتأخروا في وصفه بأنه مجرد "نسخة أخرى من جاستن ترودو"، متهمين الليبراليين بـ "خدعة سياسية" تهدف إلى كسب ولاية رابعة عبر تغيير الواجهة فقط.

كما تعرض كارني لهجوم بشأن دوره في نقل المقر الرئيسي لشركة بروكفيلد لإدارة الأصول من تورنتو إلى نيويورك. ورغم أنه نفى أي مسؤولية عن القرار، إلا أن المعارضة تصر على أنه كان جزءاً من العملية، مما يثير تساؤلات حول مدى التزامه بحماية الاقتصاد الكندي.

أجندة كارني
ترشح كارني على برنامج اقتصادي وسطي، لكنه أشار إلى تحولات رئيسية بعيداً عن نهج ترودو. من بين أبرز وعوده:

- المضي قدماً في مشاريع الطاقة الكبرى، بما في ذلك خطوط الأنابيب، رغم العقبات السياسية التي واجهتها تلك المشاريع سابقاً.
- استثمارات ضخمة في الإسكان والطاقة النظيفة، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي بسبب أزمة السكن.
- تحرير التجارة داخل كندا، حيث لا تزال هناك حواجز بين المقاطعات تعيق النمو الاقتصادي.
- تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة، وهو أمر أصبح أكثر إلحاحاً بعد تصاعد التوترات التجارية.
- الحد من توسع الحكومة الفيدرالية، التي نمت بنسبة 40% في عهد ترودو.

الانتخابات العامة.. معركة فاصلة في الأفق
رغم فوزه بزعامة الحزب، فإن المعركة الحقيقية لكارني لم تبدأ بعد. سيؤدي اليمين الدستورية كرئيس للوزراء خلال أيام، لكنه سيواجه قريباً اختباراً حاسماً في الانتخابات العامة، التي يمكن أن تتم عبر خيارين:

إما إعلان انتخابات مبكرة بنفسه لتعزيز شرعيته كرئيس وزراء منتخب، أو انتظار تصويت حجب الثقة من المعارضة، والذي قد يطيح بحكومته في أي لحظة.

بغض النظر عن التوقيت، فإن كارني سيواجه معركة انتخابية شرسة أمام المحافظين، الذين يروجون لرواية مفادها أن كارني ليس سوى امتداد لعهد ترودو، في حين يسعى هو إلى إثبات العكس عبر تقديم نفسه كقائد براغماتي قادر على إدارة الأزمات الاقتصادية وإنقاذ كندا من تداعيات السياسة الأميركية.

اختبار مزدوج
مع تصاعد المواجهة مع ترامب واقتراب الانتخابات العامة، يقف مارك كارني أمام اختبار مزدوج: هل يمكنه الصمود في وجه الضغوط الأميركية وإثبات أن كندا قادرة على حماية اقتصادها؟ وهل سيتمكن من إقناع الناخبين بأنه القائد الذي تحتاجه البلاد، وليس مجرد امتداد لترودو؟

الإجابات على هذه الأسئلة ستحدد ما إذا كان كارني قادرًا على تحويل نجاحه المالي إلى انتصار سياسي، أم أنه سيلحق بسلفه ترودو كزعيم آخر لم يستطع الصمود أمام التحديات التي تواجهها كندا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار