: آخر تحديث
قدم فيه صورة عن نفسه منعكسة في مرآة الواقع"من دون رتوش"

"نبل السياسة".. مسيرة حياة اليساري المغربي إسماعيل العلوي

14
19
11

إيلاف من الرباط: صدر، أخيرا، عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط، كتاب "إسماعيل العلوي نُبل السياسة – مسيرة حياة"، يتناول سيرة مولاي إسماعيل العلوي، الوزير السابق والقيادي السابق في حزب التقدم والاشتراكية، تناول فيه سيرة حياته في علاقة بعدد من الأحداث التي طبعت التاريخ المعاصر للمغرب.

ذاكرة مفتوحة

كتب الصحافي  محمد الضو السراج، الذي قام بإعداد السيرة، بتكليف من صاحبها، أن العلوي "ذاكرة مفتوحة" على أحداث حوالي ثمانين سنة، فقد ولد قبل ثلاث سنوات من تأسيس الحزب الشيوعي في المغرب في 1943.

وأضاف الضو السراج أن الأمر يتعلق بذاكرة "قائد سياسي امتزجت في طياتها منذ البداية حياة نضالية جمعت بين الطالب النقابي والطالب المتحزب والطالب الجمعوي. تآلفت فيه المتناقضات بين أصوله وتوجهاته السياسية، وأعطتنا صورة مناضل ملتزم ومتشبث بالتزامه، ومفكر منتج لأفكار متجددة من واقعه الاجتماعي، ووجه سياسي عرفه المغاربة كشخصية عمومية وقائد سياسي بقي مخلصا لمبادئه منذ أن انخرط في الحزب الشيوعي المغربي، بحيث أصبح وجها بارزا في صفوف الشيوعيين المغاربة في عقد الستينيات وبداية عقد السبعينيات الذين ناهضوا الظلم والاستغلال ودافعوا عن العدالة وتوزيع الثروات، قبل الاستقلال وبعده، كما دافعوا عن كينونتهم وهويتهم أمام محاولات الهيمنة الحزبية".

وكتب الضو السراج، في تمهيده للكتاب، مخاطبا قراء سيرة صاحبها: "بتتبعكم تفاصيل سيرة حياة إسماعيل العلوي، وهو الإنسان الذي يبدو هادئا وبشوشا لكنك تحس به وكأن الموج الهادر يغلي في داخله، لأنه مشغول يوميا بقضايا الآخرين، يستمع بعمق إلى الناس ولا يمكن أبدا ألا يجيب كل من طلبه في الهاتف أو وقف في باب منزله. وفي وقته الثالث ينغمس في تتبع برامج وخدمات الجمعيات التي أسسها أو التي هو عضو فيها، سواء منها المحلية التي تهتم بشؤون مدينة سلا أو تلك التي تقدم خدماتها على الصعيد الوطني. أقول، بقراءتكم لهذه السيرة ستلاحظون أنها حياة إنسان ربما كان محظوظا، لكن الطروف التي مر بها فيها منعرجات كثيرة، وتحس به في حديثه وكأن وتيرة الأحداث التي عاش تتراوح بين الرضا النسبي بالواقع وعدم الرضا بالمطلق أحيانا. وقد يفاجئك في حكيه بطرفة أو مثل مغربي من صميم هذه الحياة".

أصالة فكرية وحس دعابة
كتب الضو السراج أن العلوي عندما يتحدث عن كل القضايا التي تهمه يفاجئك بأصالة فكرية وثقافية قد لا تجدها لدى الآخرين من مدبري الشأن السياسي؛ و"حين يحدثك يحرص على إشراكك في بعض الوقائع في الحياة السياسية الوطنية التي تركت لديه تساؤلات كثيرة وملحة عن أسبابها ومسبباتها، هذا التفاعل مع الآخرين يتخلله في بعض الأحيان حس الدعابة لرفع الكلفة والانفتاح في النقاش بعفوية". 

سجل مفتوح
يرى الضو السراج أن كتاب "نبل السياسة" هو "سجل مفتوح يَحمِل عدداً من الرسائل السياسيّة المباشرة الموجّهة للشباب وللطبقة السياسية في المغرب بكلّ توجهاتها"، راكمها العلوي في "تجربة إنسانية غنيّة سياسياً وثقافيا وجمعويا استمرت زهاء ستّين سنة".

ودعا الضو السراج كل مهتم بالشأن العام السياسي والمعرفي في المغرب إلى قراءة هذا الكتاب بتمعن، إذ هو "ليس سرداً توثيقيـاً صرفـاً لمسار إسماعيل العلوي، بل قراءة عميقة أُفقية وعمودية لمسارات بلادنا في المـاضي والحاضر".

ولاحظ الضو السراج أننا من تتبعنا لهذا المسار، نلاحظ كيف "ارتبطت عند إسماعيل العلوي مسألة الممارسة السياسية بالعمل الثقافي والفكري والجمعوي وبحس نقدي لبعض جوانب هذا المسار".

واضاف أن العلوي الذي "يعده الملاحظون المتتبعون للشأن العام في المغرب، نموذجا للمثقف الملتزم والمدافع عن مصالح الفلاحين والطبقة العاملة وسائر الفئات المسـتضعفة، كان حريصا على المزاوجة بين العمل السياسي والبعد الأخلاقي، ما جعله يحظى دوما بتقدير الجميع".

كتاب - سيرة
أوضح الضو السراج أنه شرع في إعداد هذا الكتاب – السيرة، بالاعتماد على ذاكرة العلوي أولا، ثم على عدد من الوثائق والحوارات والتصريحات المسجلة في مجموعة من الحوامل الورقية والرقمية والمسموعة والمرئية ، مع إعادة صياغتها وترتيبها كرونولوجيا وتبويبها إلى فصول، مع مراجعة أسماء الأمكنة وتحديد تواريخ الأحداث وتفاصيلها. كما تم تجاوز النقص في بعض الأحداث أو إضافة معطيات وتفاصيل أخرى ومعلومات جديدة، بالعودة إلى "ذاكرة" العلوي .

بالنسبة للضو السراج، فالكتاب ليس فقط سردا للأحداث من جانبه بل يتوقف في المحطات المهمة من هذه السيرة لتحليل الوقائع بعمق وإبداء رأيه في تفاصيل الأحداث التي عاش أو عايش، وأحيانا كشف الغموض الذي يلفها. وكجغرافي مختص في الجغرافيا البشرية، فإن العلوي ينقب في التفاصيل ويحلل كل المعطيات أو بصفته مسؤولا عموميا في حكومة التناول، كما يتأكد من صحة الوقائع وتواريخ الأحداث وهوية الأسماء.

من دون أي رتوش
بخصوص كتابة سيرة حياته، شدد العلوي على أنه يبقى من باب الغرور "أن نقول إن الذاكرة ستكون وفية وستأتي بأشياء مضبوطة". وأضاف: "مع الأسف، لم أدون كتابيا وبكيفية منتظمة كل المراحل التي عشت منذ صغري إلى يومنا هذا. فعندما أعلنت أنني لن أنشر مذكراتي أعلنتها بهذا التحفظ، لكن إذا استطعت أن أتجاوز هذا النوع من التردد وأكتب عن مساري في هذه الحياة فهذا احتمال وارد. ولا أنفي هذا الأمر، لكن تحفظي الأساس هو أن الذاكرة خائنة بطبيعتها، فهي تُجمل الكثير من المحطات وتُسود محطات أخرى أحيانا. وربما تدفع بتأويلات لم تكن مطابقة للواقع. لذلك كنت دائما أطرح هذا التساؤل على نفسي: هل أكتب مذكراتي؟".

وأضاف: "ها أنا ذا أقدم لكم اليوم صورة عن نفسي منعكسة في مرآة الواقع من دون رتوش، وفي محيط سياسي وحزبي اخترته عن طواعية وأسهمت فيه منذ البداية بكل ما أملك من قوى فكرية وتنظيمية حتى يكون في المستوى المناسب -لأن الكمال لله- رغم كل المعيقات الموضوعية والمفتعلة. هذا المسار الصعب، المتعب الممتع في الآن نفسه، كان دائما حافزي على العمل من أجل التقدم نحو المستقبل".

وأشار العلوي إلى أنه تتلمذ في مرحلة الثانوي على أستاذة لقنته أن معرفة الماضي لا تكون ذات جدوى إلا إذا ساعدت في إدراك الحاضر والعمل على تغيير الواقع الراهن نحو الأحسن، حتى يكون المستقبل أفضل. وأضاف: "هذه الفكرة النيّرة تراودني دوما وأحاول أن أعمل على هديها".

الكتاب
يتضمن الكتاب 12 فصلا، جاءت عناوينها وفق ما يلي: "سلا 1940 .. النشأة والتكوين في عالم مضطرب"؛ و"آل العلوي وآل الخطيب .. امتدادات عائلتين"؛ و"القنيطرة 1956 .. خطوات نحو أفق جديد"؛ و"الشيوعي والنقابي بين مطرقة السلطة ومنجل الحزب"؛ و"حروب الجزائر وانقلابات المغرب"؛ و"مسار الحزب الشيوعي المغربي .. بين المنع والترخيص"؛ و"من الحزب الشيوعي المغربي إلى التقدم والاشتراكية .. تعددت الأسماء والهدف واحد"؛ و"الكتلة الديمقراطية .. التأسيس والخروج من النفق"؛ و"حكومة التناوب التوافقي: ذو الوزارتين .. أهداف كبرى وموارد شحيحة"؛ و"حزب التقدم والاشتراكية .. مرحلة ما بعد الكتلة"؛ و"هواجس جمعوية"؛ و"عود على بدء".

كما تضمن الكتاب ملاحق، تتناول مسار علي يعتة، والوثائق المؤسسة للكتلة الديمقراطية، تشمل ميثاق التأسيس (17 ماي 1992) ومذكرة الكتلة (19 يونيو 1992)، فضلا عن مذكرة الكتلة (23 أبريل 1996) والحوار الوطني حول المجتمع المدني، والنضال الديمقراطي في المغرب ، رهانات الماضي وأسئلة الحاضر. كما تم الحرص على إغناء الكتاب - السيرة بصور على علاقة بالمضامين والأحداث التي يتناولها.

سيرة العلوي
مولاي إسماعيل العلوي (85 سنة)، هو يساري مغربي، انتسب عام 1962 للحزب الشيوعي المغربي، وهو أحد زعماء هذا الحزب الذي أخذ لاحقا تسمية "التقدم والاشتراكية". وبعد وفاة علي يعته سنة 1997، سينتخب العلوي أمينا عاما للحزب، وبقي في منصبه إلى 2010، حيث سيخلفه نبيل بن عبد الله، الأمين العام الحالي.

كما تولى العلوي عددا من مناصب المسؤولية، بينها، في 1998، حقيبة وزارة التربية الوطنية، ثم حقيبة وزارة الفلاحة والتنمية القروية، سنة 2000.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار