إيلاف من الرباط: تعاني دول الاتحاد الأوروبي من ضغوط الصيادين الأوروبيين المطالبين بالتراجع عن مطلب تعديل شروط اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، واحتشد الصيادون الإسبان، الأربعاء لليوم الثاني على التوالي ، أمام مقر المفوضية الأوروبية في مدريد، مطالبين بحل أزمة الصيد البحري مع المغرب، وبإلغاء الاقتراح الأوروبي الرامي إلى تقليص عدد أيام الصيد المسموح بها في البحر الأبيض المتوسط بنسبة 79% لتحسين المخزون السمكي وحماية التنوع البيولوجي.
وذكر الخبير الاقتصادي الإسباني، باسيلو أوتيرو، في تصريح لصحيفة "إل باييس" الإسبانية ، أن تداعيات الأزمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "لا تقتصر على الاقتصاد الاسباني والأوروبي فحسب، بل تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية، حيث سيؤدي وقف اتفاقية الصيد البحري مع المغرب إلى الاعتماد المتزايد على الواردات الغذائية من دول خارج الاتحاد، وفي مقدمتها المغرب، وهو ما سيضعف السيادة الغذائية الأوروبية"، مشيرا إلى أن أزمة الاتحاد الأوروبي توفر فرصًا جديدة للمغرب لتعزيز مكانته كمورد رئيسي للأسماك للدول الأوروبية، لامتلاكه لموارد سمكية غنية واستراتيجيات تنمية مستدامة مثل مخطط "أليوتيس"، مما يجعله شريكًا استراتيجيًا لتأمين إمداد الأسواق الأوروبية بالأسماك.
مركب صيد اسباني يفرغ حمولته من الأسماك
ويشهد الاتحاد الأوروبي، وخصوصا دول إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، أزمة مزدوجة في قطاع الصيد البحري، حيث تعاني هذه الدول من وقف اتفاقية الصيد البحري مع المغرب ومن تراجع تموين الأسواق بالأسماك المحلية نتيجة القيود المفروضة على أيام الصيد في سواحل البحر الأبيض المتوسط بداعي الحفاظ على البيئة البحرية.
هذا الإجراء الأخير هو الذي احتجت عليه نقابات الصيادين، وحثت دول الاتحاد الأوروبي على إلغاء العمل بخطة التقليص، إذ أعلن الاتحاد الوطني لنقابات الصيادين وجمعية "سيبيسكا"، التي تضم اتحاد صيادي الأسماك الإسبان، في بيان لهما، عن وقف الإضراب ابتداء من امس. وأكد خافيير غارات، رئيس "سيبيسكا"، في تصريح صحفي، أن التقليص من مدة الصيد كان بنسبة 40% على مدار السنوات الخمس الماضية، مع تطبيق تدابير تقنية جديدة لتحسين انتقائية الصيد بشباك الجر وتجنب صيد الأسماك الصغيرة.
وأشار غارات إلى أن هذا التوقف سيؤثر بشكل حاد على الاقتصاد الإسباني، ويهدد القطاع الذي يشغل حوالي 3000 شخص بشكل مباشر و17000 آخرين بشكل غير مباشر.
صياد اسباني وهو في حالة عطالة بسبب قرار المحكمة الأوروبية ضد المغرب
وتجاوبا مع الاحتجاجات، طمأن وزير الزراعة الإسباني، لويس بلاناس، الصيادين بأنه اتفق مع دول الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على عدد أيام العمل لعام 2024 مع اعتماد تدابير جديدة لزيادة انتقائية الصيد.
المغرب لاعب استراتيجي في تأمين الغذاء البحري
في ظل هذه الأزمة ، برز المغرب كأحد الموردين الرئيسيين للأسماك لدول الاتحاد الأوروبي، مستفيدًا من ثروته البحرية الهائلة الممتدة على سواحل المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، إذ استطاع المغرب تعزيز مكانته بفضل امتلاكه لأغنى السواحل العالمية من حيث الموارد السمكية، تتيح له توفير كميات ضخمة ومتنوعة من الأسماك. كما تشكل الأزمة الحالية فرصة للمغرب لتعزيز عائداته من صادرات الأسماك إلى أوروبا، إضافة إلى استقطاب استثمارات أوروبية جديدة في قطاع الصيد البحري والبنية التحتية المرتبطة به، مثل موانئ التصدير ومرافق المعالجة.
وتكشف أزمة الصيد البحري في الاتحاد الأوروبي عن هشاشة السياسات الغذائية المشتركة في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.
في المقابل، يبرز المغرب كلاعب استراتيجي قادر على تأمين الغذاء البحري لدول الاتحاد، مما يعزز مكانته الجيوسياسية والاقتصادية .
لتحقيق الاستقرار، يجب على الاتحاد الأوروبي تبني رؤية متوازنة تضمن حماية البيئة مع دعم الشركاء الأساسيين كالمغرب، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الشراكات القائمة على الاحترام المتبادل.