: آخر تحديث
بينما بلغ عدد مشردي مدينة درنة أكثر من ثلاثين ألفا

مخاوف من ارتفاع كبير في حصيلة ضحايا كارثة الفيضانات في ليبيا

22
30
26

درنة (ليبيا): تواصل مدينة درنة المدمّرة في شرق ليبيا الأربعاء إحصاء ضحايا الفيضانات الكارثية التي يتوقع أن ترتفع حصيلتها أكثر بكثير من 2300 قتيل وفق ما أعلن حتى الآن، بينما بلغ عدد المشردين في المدينة أكثر من ثلاثين ألفا.

وتعهدت الأمم المتحدة تقديم عشرة ملايين دولار لدعم الناجين، وكانت تركيا ومصر والامارات بين أول الدول التي هرعت لتقديم المساعدات، بينما لا يزال هناك عشرة آلاف شخص في عداد المفقودين، بحسب عاملي الاغاثة الدوليين.

وبث تلفزيون "المسار" الليبي على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي صورا مروعة لعشرات الجثث الملقاة على رصيف في مدينة درنة وملفوفة بأقمشة ملونة، بينما تجمّع حولها عدد من الأشخاص.

أظهرت صور ملتقطة بالاقمار الاصطناعية للمدينة بعد الفيضانات، أحياء بكاملها وقد غمرتها المياه قرب الساحل.

وكانت العاصفة "دانيال" ضربت المنطقة بعد ظهر الأحد، وتساقطت أمطار غزيرة جدا تسببت بانهيار سدّين قريبين من درنة، فتدفقت المياه في المدينة جارفة معها الأبنية والناس. وجُرف العديد منهم الى المتوسط، بينما شوهدت جثث على شواطىء مليئة بالحطام.

وحفر ناجون مصدومون بين أنقاض المباني المدمرة المغطاة بالطين لانتشال جثث الضحايا التي دفن الكثير منها في مقابر جماعية.

في وقت متأخر الثلاثاء، بلغت حصيلة صادرة عن السلطات في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا والتي تعاني من أزمات سياسية وانقسامات، 2300 قتيل على الأقل. إلا أن بعض المسؤولين في الشرق الليبي يتحدّثون عن أرقام أعلى بمرّتين.

ونقلت تقارير إعلامية عن ناطق باسم وزارة الداخلية التابعة لحكومة شرق ليبيا قوله الثلاثاء إن "أكثر من 5200 شخص" قضوا في درنة وحدها.

وقال المسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر تامر رمضان الثلاثاء إن عشرة آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين.

وقال "ليست عندنا أرقام نهائية في الوقت الحالي"، لكنه شدد على أن مصادر مستقلة أكدت للمنظمة بأن "عدد المفقودين وصل إلى 10 آلاف شخص حتى الآن". وقال ان "حصيلة القتلى ضخمة وقد تصل الى الآلاف".

تفاقم القلق الدولي
ولم تتعاف ليبيا الغنية بالنفط من سنوات من الحرب والفوضى التي أعقبت انتفاضة شعبية عام 2011 أطاحت بزعيمها معمر القذافي، بدعم من حلف شمال الأطلسي.

وتدير البلاد حكومتان متنافستان: واحدة معترف بها من الأمم المتحدة ومقرّها طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى في الشرق حيث وقعت الكارثة يرأسها أسامة حمّاد بتكليف من البرلمان ودعم من المشير خليفة حفتر.

وتحيط تلال بمدينة درنة الواقعة على بعد 300 كيلومتر شرق بنغازي، ويمرّ فيها مجرى نهر يجفّ عادة خلال الصيف، لكنه تحوّل بعد انهيار السدين إلى مجرى لتيار قوي من المياه الموحلة التي جرفت معها عددا من الجسور الرئيسية.

تعد درنة حوالى 100 ألف نسمة. وقد انهار العديد من أبنيتها المتعددة الطوابق على ضفاف مجرى النهر، فيما اختفى الآلاف مع منازلهم ومركباتهم في المياه.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين الثلاثاء بأن "قرى بأكملها غمرتها الفيضانات" في مناطق أخرى من شرق ليبيا، و"تتواصل حصيلة القتلى الارتفاع فيها".

وأضاف في تقرير "عانى السكان في أنحاء ليبيا من سنوات من النزاعات والفقر والنزوح. ستفاقم الكارثة الأخيرة صعوبة الوضع بالنسبة لهؤلاء. وستضغط على المستشفيات ومراكز الإيواء".

وفيما يتفاقم القلق الدولي حيال الكارثة، قدّمت دول عدّة مساعدات عاجلة وأرسلت فرق إنقاذ لمساعدة الدولة التي تعاني من الحروب وتعصف بها ما وصفها مسؤول من الأمم المتحدة بـ"نكبة بأبعاد أسطورية".

في الفاتيكان دعا البابا فرنسيس الى الصلاة "من أجل الذين خسروا أرواحهم وعائلاتهم والنازحين".

وخصصت الأمم المتحدة عشرة ملايين دولار لجهود الاغاثة، كما أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الاغاثة الطارئة مارتن غريفيث.

وكتب على منصة إكس (تويتر سابقا) "حصدت العاصفة دانيال آلاف الأرواح وتسببت باضرار كبرى وقضت على سبل العيش في شرق ليبيا"، مضيفا "نقف الى جانب شعب ليبيا في هذا الوقت العصيب".

جهود الإغاثة
ووصلت فرق إنقاذ من تركيا إلى شرق ليبيا، بحسب السلطات. كما عرضت بلدان عدة بينها الجزائر ومصر وفرنسا وإيطاليا وقطر وتونس إرسال مساعدات.

وأرسلت الإمارات طائرتين تنقلان 150 طنا من المساعدات والمستلزمات الطبية الى بنغازي وأعلن فرنسا انها سترسل مستشفى ميدانياً وحوالى 50 عنصراً عسكرياً ومدنياً يمكنهم علاج 500 شخص يومياً.

وأقلعت طائرة كويتية الاربعاء تقل 40 طناً من المساعدات فيما أرسل الاردن طائرة عسكرية محملة بعلب مواد غذائية وخيم وبطانيات وفراش.

وأعلنت المفوضية الأوروبية أيضاً الأربعاء إرسال مساعدة من ألمانيا ورومانيا وفنلندا الى مدينة درنة.

وقال ناطق باسم المفوضية الاوروبية "تم تفعيل آلية الدفاع المدني في الاتحاد الاوروبي، والمساعدة التي قدمتها المانيا ورومانيا وفنلندا في طريقها" الى ليبيا.

وتشمل هذه المساعدة أسرة ميدانية وخيماً وأغطية ومولدات كهربائية ومواد غذائية وخزانات مياه، كما جاء في بيان صادر عن المفوضية التي اشارت الى أن الاتحاد الأوروبي مستعد "لتنسيق عروض مساعدة أخرى".

وربط خبراء مناخ كارثة ليبيا بتضافر آثار ارتفاع حرارة الارض وسنوات من الفوضى السياسية ونقص الاستثمار في البنية التحتية في البلاد.

وتعرف العواصف المتوسطية القوية مثل إعصار دانيال الذي سبق أن ضرب تركيا وبلغاريا واليونان، بأنها يمكن ان تزداد قوة حين يمتص الهواء الدافئ المزيد من الرطوبة.

وتميل الظواهر الجوية القصوى الى ان تحصد عددا أكبر من الضحايا في الدول الفقيرة او التي تشهد نزاعات بسبب نقص البنى التحتية وأنظمة الانذار المبكر وخدمات الاستجابة لحالات الطوارئ.

وقالت أستاذة علوم المناخ بجامعة بريستول ليزي كيندون إن العاصفة دانيال هي "مثال واضح على نوع الفيضانات المدمرة التي قد نتوقعها بشكل متزايد في المستقبل" مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار