الخرطوم: شهدت العاصمة السودانية الخرطوم السبت غارات جوية وقصفا مدفعيا متبادلا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، كما تعرّضت السفارة القطرية لهجوم في خضم صراع على السلطة بين الجنرالين المتحاربين.
وأفاد سكان الخرطوم وكالة فرانس برس بأن العاصمة شهدت معارك عنيفة على الرغم من المناشدات الدولية لإرساء هدنة إنسانية.
وقال شهود عيان إن من بين المناطق التي تعرّضت لهجمات تلك المحيطة بمبنى التلفزيون الرسمي في أم درمان.
ويشهد السودان نزاعا منذ 15 نيسان/أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع التي ترفض خطة لدمجها في صفوفه.
أوقعت المعارك منذ اندلاعها قرابة ألف قتيل غالبيتهم من المدنيين ودفعت أكثر من مليون سوداني إلى النزوح أو اللجوء إلى بلدان مجاورة.
وتحذّر الأمم المتحدة من وضع إنساني سريع التدهور في ثالث أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة، علما بأن ثلث السكان كانوا يعتمدون على المساعدات حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
الجمعة، أقال البرهان دقلو من منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة (أعلى سلطة سياسية حاليا في البلاد) وقرر تعيين مالك عقار في المنصب، كما عيّن ثلاثة من حلفائه في مناصب عسكرية رفيعة.
ووقع مالك عقار في العام 2020 ومعه قادة حركات تمرد اتفاق سلام مع الخرطوم، وهو عضو في مجلس السيادة منذ شباط/فبراير 2021.
وأعلن في بيان أصدره السبت أنه مصمّم على السعي إلى "إيقاف هذه الحرب" والدفع باتّجاه مفاوضات.
وتوجّه مباشرة إلى دقلو بالقول "لا بديل لاستقرار السودان الا عبر جيش مهني واحد وموحد، يراعي التعددية السودانية".
ويعد دمج قوات الدعم السريع في الجيش نقطة الخلاف الأساسية بين دقلو والبرهان.
وقوات الدعم السريع انبثقت من ميليشيا "الجنجويد" التي لجأ إليها الرئيس المخلوع عمر البشير في أوائل القرن الحالي لسحق جماعات إتنية متمرّدة في إقليم دارفور، وهي تتمتّع بقدرات كبيرة على صعيد التحركات الميدانية لكنّها معروفة بعدم الانضباط.
وعناصرها متّهمون بارتكاب عمليات اقتحام ونهب على نطاق واسع، بما في ذلك لمقار دبلوماسية ومكاتب منظمات إغاثية.
أقصى درجات ضبط النفس
السبت، تعرّضت السفارة القطرية لهجوم دانته الدوحة.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية "تدين دولة قطر بأشد العبارات قيام قوات مسلّحة غير نظامية باقتحام وتخريب مبنى سفارتها في الخرطوم".
وتابعت الوزارة "تم إجلاء طاقم السفارة سابقا ولم يتعرض أي من الدبلوماسيين أو موظفي السفارة لأي سوء".
وجدّدت الخارجية القطرية الدعوة إلى "وقف القتال في السودان فورا، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس والاحتكام لصوت العقل وتغليب المصلحة العامة، وتجنيب المدنيين تبعات القتال".
ولم تتّهم قطر مباشرة قوات الدعم السريع بالهجوم، لكن بيانا أصدرته الخارجية السودانية اتّهم قوات دقلو "بالهجوم على مقر السفارة القطرية بالخرطوم والعبث بمحتوياتها وتخريب الأثاث وسرقة المقتنيات وأجهزة الحاسوب والسيارات بدون مراعاة للأعراف والقوانين الدولية المعنية بحرمة وحماية الدبلوماسيين ومقرات وممتلكات البعثات الدبلوماسية".
في الأسابيع الأخيرة تعرّضت سفارات الأردن والسعودية وتركيا لهجمات.
وجاء هجوم السبت غداة قمة عربية عقدت في جدة حضّت الجنرالين المتحاربين في السودان على وقف القتال.
جهود باءت بالفشل
ومنذ اندلاع الحرب باءت بالفشل جهود عدة لإرساء هدنة دائمة، علما بأن ممثلين للطرفين يجرون محادثات في السعودية.
ولدى سؤاله عن تلك المحادثات قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الجمعة إن التركيز منصب على التوصل إلى هدنة تتيح للمدنيين السودانيين التقاط أنفاسهم.
على الرغم من أن المعارك الكبرى تتركز في الخرطوم، اتّسع نطاق أعمال العنف إلى إقليم دارفور في غرب البلاد حيث جذور قوات الدعم السريع.
وفي نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وقعت معارك عنيفة خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة أسفرت عن سقوط 22 قتيلا، وفقا لنقابة المحامين السودانيين.
الجمعة، أعلن مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث تخصيص 22 مليون دولار من صندوق طوارئ تابع للأمم المتحدة لمساعدة السودانيين الذي فروا إلى البلدان المجاورة.
وتعهّدت الولايات المتحدة الجمعة تخصيص مبلغ قدره 103 ملايين دولار للسودان وجيرانه لدعم النازحين واللاجئين.