الضدّان، الديمقراطي جو بايدن، والجمهوري دونالد ترامب، اللذان تنافسا على الوصول إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، يستعدان لخوض المنافسة في الانتخابات القادمة أيضاً، في حال نال الاثنان تزكية حزبيهما لتمثيلهما فيها، وهو أمر من المبكر الجزم به، خاصة في حال ترامب، المحاط بالكثير من القيل والقال، ودونه معارك قضائية كثيرة، قد تشكل عائقاً بوجه تطلعه للفوز بترشيح الجمهوريين له ممثلاً لهم. ولا يمكن للأمريكان ولا لسواهم نسيان ما أحاط بمعركته الانتخابية السابقة مع بايدن من جدل غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، حين رفض الإقرار بنتائج الانتخابات التي فاز فيها خصمه، وشجع غلاة المتطرفين من أنصاره على اقتحام مبنى «الكابيتول»، لحظة اعتماد بايدن رئيساً من قبل «الكونغرس».
هناك رأي، أو انطباع، بأن استهداف ترامب بمجموعة من القضايا ذات الطابع المالي والضريبي والأخلاقي، تندرج في إطار المكائد السياسية التي يقف خلفها الديمقراطيون، بهدف تعطيل ترشحه في الانتخابات القادمة، لكنها، على العكس مما يرمي إليه خصومه، تسهم في رفع شعبيته لدى القاعدة الانتخابية المهيأة لمناصرته، وتؤدي، بالنتيجة، إلى زيادة فرصه بالظفر بترشيح حزبه له، رغم وجود منافسين أقوياء له داخل الحزب.
بالمقابل، يرى محللون أن اعتماد ترامب مرشحاً جمهورياً هو وحده ما سيمنح بايدن فرصة الفوز مرة أخرى بالرئاسة، كونه، في أعين الكثيرين، «أهون الشرين»، وهذا ما تؤكده الخبيرة بالشأن الأمريكي في مؤسسة د. دبلي الإعلامية، إينس بول، التي تشكك في قدرة بايدن على هزيمة أي مرشح جمهوري آخر غير ترامب، كون المآخذ على الأول كثيرة، حيث تزداد الشكوك في قدراته الصحية والذهنية مع تقدّمه في العمر على إدارة البلاد في منعطف دولي شديد الخطورة، خاصة مع وجود نائبة ضعيفة له، لا تحظى بالشعبية، هي كامالا هاريس، والتي سيتعين عليها تولي الأمور في حال تعذر قيام الرئيس بمهامه.
المحللة نفسها ترى أن إعادة انتخاب بايدن «ستكون بشرى سارة لألمانيا وأوروبا والتحالف الغربي بأكمله»، خاصة في زمن الحرب الجارية في أوكرانيا، فأخشى ما يخشاه زعماء أوروبا، أن يعود ترامب ثانية إلى البيت الأبيض، هم الذين خبروا سياسته تجاههم فترة رئاسته، حيث انصبت سياسته في التركيز على وضع الداخل الأمريكي، والتخفيف من أعباء واشنطن تجاه حلفائها الأوروبيين، وسعى إلى بلوغ تفاهمات مع موسكو، رغم تصعيده مع الصين، خاصة أن الأوروبيين هم أكثر العارفين، أن بوسع أي رئيس أمريكي أن يبطل قرارات سلفه «بجرة قلم».