: آخر تحديث
اعتمروا خوذهم الصفراء والبيضاء

"نعرف هذا الألم"... عمّال مناجم أتراك يساهمون في أعمال الإغاثة

24
20
23

انطاكية (تركيا): يراقب نحو ثلاثين من عمّال المناجم، يرتدون خوذاً صفراء وبيضاء، مبنى منهاراً في أنطاكية في جنوب تركيا على بعد ألف كيلومتر من مكان إقامتهم قرب البحر الأسود.

حضر إسماعيل حقي كالكان، وهو عامل مناجم منذ ثماني سنوات في زونغولداك (شمال غرب) مع رفاقه.

قال "لم تستطِع قلوبنا تحمّل ذلك". وأضاف لوكالة فرانس برس الخميس "عندما شاهدنا على التلفزيون ما كان يحدث هنا، فهمنا أنه يتعيّن علينا الحضور وها نحن هنا".

يقف زملاؤه حاملين المعدّات التي يستخدمونها يومياً، مثل الفؤوس والمعاول والمناشير.

يحمل أحدهم على كتفه الأيسر مقصّ حديد ضخماً.

احتاج الفريق إلى 25 ساعة للوصول إلى مدينة أنطاكية التي دمّرها الزلزال الاثنين مودياً بحياة أكثر من 22 ألف شخص في تركيا وسوريا المجاورة، حيث تكافح فرق الإغاثة في مواجهة الكارثة.

تملك تركيا، بلد الفحم، تاريخاً حافلا بكوارث المناجم. لكن على الرغم من اختلاف طبيعة هذا الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجة، والذي دمّر عشرات المقاطعات في جنوب البلاد، لم يستطع هؤلاء العمّال تجاهُل هذه الكارثة.

قال تورغاي اشيكغوز وهو عامل آخر في منجم جاء ليمدّ يد العون، إنّ "كوارث المناجم تتكرّر هنا. لهذا السبب تؤثر علينا هذه الكوارث كثيراً".

وأضاف "نعرف هذا الألم، لأنّنا سبق أن تذوّقناه. لا توجد أيّ كلمة لوصف ذلك".

يتذكّر قدامى المجموعة مأساة العام 2010، عندما قُتل ثلاثون عاملاً في انفجار وقع في منجم للفحم في زونغولداك.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أصيب أربعة عمّال في المنجم نفسه بجروح، اثنان منهم كانت إصابتهما خطرة، بعد ثلاثة أسابيع فقط على مقتل 42 آخرين في انفجار مشابه على بعد 50 كيلومتراً.

لم تنسَ تركيا أيضاً مأساة سوما في العام 2014، والتي قُتل فيها 301 عامل في منجم فحم بعد انفجار وحريق أدى إلى انهيارات.

فجأة، تحرّك نحو 15 عامل منجم وتوجهوا إلى شارع تسير فيه السيارات بصعوبة بين أنقاض المباني المنهارة.

توجّه العمّال إلى مبنى تحوّل إلى ركام. وفقاً للناجين، فإنّ عدداً من الأشخاص موجودون تحت هذه الكتلة الخرسانية.

ساعدت جرّافة في عملية إزالة الركام، ثمّ أعطى أحد المسؤولين في فريق عمّال المنجم الآتين من زونغولداك إشارة للتوقّف. وقام بتحطيم كتلة من الإسمنت.

طلب قائد الفريق غطاءً، فقد عثر على طفلٍ متوفٍ في سريره.

حمل الوالد الجسد الملفوف بين ذراعيه وابتعد من من دون أن ينطق بكلمة.

على بعد أمتار قليلة، تقف امرأة إلى جانب ابنتها.

تُرشد نسيبة كولوبيشيوغلو عمّال المناجم إلى حيث كانت حماتها البالغة من العمر 80 عاماً تعيش في شقة مع ابنها، على بعد طبقة واحدة من منزلها في المبنى ذاته.

تمكّنت هي وابنتها من الخروج على قيد الحياة والوصول إلى الشارع ليل الأحد الإثنين، لدى وقوع الزلزال عند الساعة الرابعة صباحاً.

المرأة الخمسينية التي فقدت ستة من أقاربها في الزلزال، لم تعد تأمل في العثور عليهم أحياء. وتصبّ غضبها على الحكومة مستنكرة البطء في عمليات الإنقاذ.

غير أنّها تُعرب عن امتنانها لعمّال المناجم، لأنّهم وحدهم الذين قد يتمكّنون من انتشال الجثث من كومة الركام هذه.

بهذه الطريقة فقط يمكنها أن تبدأ فترة الحداد، إذ تقول "يجب أن نجد مكاناً لدفنهم ونبدأ من الصفر".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار