أعلنت تركيا أنها سوف تضغط حاليا على فنلندا والسويد من أجل تسليم 33 من المشتبه بهم في قضايا "إرهاب"، بموجب اتفاق يقضي بعدم اعتراض أنقرة على مساعي الدولتين للانضمام إلى الناتو.
وقال وزير العدل التركي، بكير بوزداغ، إن أنقرة ستطلب منهما "الوفاء بوعودهما".
وتتهم أنقرة فنلندا والسويد بإيواء مسلحين أكراد.
واتفقت الدولتان الواقعتان في شمالي أوروبا في وقت متأخر يوم الثلاثاء على "دراسة طلبات الترحيل أو التسليم المعلقة لتركيا للمشتبه بهم بالإرهاب على وجه السرعة".
وأعلنت فنلندا والسويد في مايو/أيار الماضي عزمهما الانضمام إلى الحلف العسكري الدفاعي لدول الغرب المؤلف من 30 عضوا، ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكانت تركيا قد هددت في البداية باستخدام حق الفيتو ضد طلبهما، بيد أنه في أعقاب أربع ساعات من المحادثات في قمة الناتو في العاصمة الإسبانية مدريد، توصلت الدول الثلاث إلى اتفاق.
ومن المتوقع أن يدعو قادة الناتو فنلندا والسويد رسميا للانضمام إلى عضوية الحلف قبل ختام الاجتماع.
وأنتقدت روسيا توسع الناتو ووصفته بأنه"عامل مزعزع للاستقرار للغاية"، ونقلت وكالة "انترفاكس" للأنباء عن نائب وزير الخارجية، سيرجي ريابكوف، قوله إن "قمة مدريد تؤكد مسار التكتل نحو احتواء روسيا بقوة".
ودعا وزير العدل التركي فنلندا إلى تسليم ستة من أعضاء حزب العمال الكردستاني، وستة آخرين من حركة رجل الدين التركي المنفي، فتح الله غولن.
وقال بوزداغ: "سنسعى من أجل تسليم الإرهابيين".
كما تريد تركيا من السويد تسليم 11 من أعضاء حزب العمال الكردستاني و 10 من أعضاء جماعة غولن.
وكان حزب العمال الكردستاني، الذي تشكل في أواخر سبعينيات القرن الماضي، قد بدأ كفاحا مسلحا ضد الحكومة التركية في عام 1984، داعيا إلى إقامة دولة كردية مستقلة داخل تركيا.
وفي ذات الوقت تلقي تركيا باللائمة على أتباع غولن بشأن تدبير محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان في عام 2016.
- روسيا وأوكرانيا: هل يشكل انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو تهديدا لأمن أوروبا أم دعما للسلام في القارة؟
- الحرب في أوكرانيا: ما فرص أن تصبح أوكرانيا دولة محايدة على غرار النمسا؟
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يعتبرون حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية، إلا أنهم ينظرون إلى حركة غولن بمنظور آخر.
ولم تعلق فنلندا والسويد على الطلب التركي حتى الآن.
وبموجب المذكرة الثلاثية يوم الثلاثاء، اتفقت هلسنكي وستوكهولم على "تعليق أنشطة حزب العمال الكردستاني" وعدم دعم أتباع غولن، كما تعهدت الأطراف بعدم دعم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وجناحه العسكري، وحدات حماية الشعب، التي تصر أنقرة على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني.
كما تعهدت الدولتان برفع القيود المفروضة على بيع الأسلحة لتركيا.
وقال الرئيس الفنلندي، سولي نينيستو، إن الدول الثلاث وقعت الاتفاق "لتقديم دعمها الكامل ضد التهديدات التي تواجه أمن بعضها البعض"، في حين قالت رئيسة الوزراء السويدية، ماغدالينا أندرسون، إنها "خطوة مهمة للغاية بالنسبة للناتو".
وقال مكتب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه "حصل على ما يريد"، بيد أن نشطاء أكراد انتقدوا الاتفاق.
ووصفت أمينة كاكابافيه، وهي نائبة سويدية من أصل كردي إيراني، الاتفاق بأنه "يوم أسود" للسويد، وأضافت أن ستوكهولم تضحي بالأكراد بمنتهى البساطة.
ومن خلال الانضمام إلى الناتو، ستنهي السويد أكثر من 200 عام من عدم الانحياز، فضلا عن فنلندا التي تبنت سياسة الحياد العسكري بعد هزيمة مريرة من الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية.
تحليل
مادي سافاج - ستوكهولم
بدت رئيسة الوزراء السويدية، ماغدالينا أندرسون، سعيدة بشكل واضح في مدريد عندما قالت في برنامج صباحي للتلفزيون السويدي إنها نامت بعمق بعد "يوم موعود" شهد أخيرا موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو.
وجاءت الخطوة متناقضة تماما مع رد فعل أمينة كاكابافه، النائبة المستقلة وأحد سكان الشتات الكردي في السويد الذي يبلغ قوام أفراده 100 ألف شخص، وأصبح بعضهم من بين المشاهير السياسيين العالميين في الأسابيع الأخيرة، حيث ظهرت على قنوات التلفزيون الدولية تقول إن السويد لا ينبغي أن تقدم تنازلات لتركيا، التي وصفتها بالديكتاتورية الإسلامية.
كما وصفت كاكابافه يوم الثلاثاء بأنه "يوم أسود في التاريخ السياسي السويدي" وقالت إن الأكراد يُضحى بهم من أجل عضوية حلف الناتو.
وكانت السويد قد أشارت في وقت سابق إلى أنها ستستمر في دعم وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في سوريا، بيد أن اتفاق الناتو يشير إلى أن الوضع لن يكون كذلك، لأن تركيا تعتبر الذراع السياسي للحركة غطاء لحزب العمال الكردستاني.
وعلى الرغم من أن الكثير من الأكراد في السويد يدعمون عضوة البرلمان، إلا أن لديها القليل من النفوذ، كما يؤيد نحو 80 في المئة من أعضاء البرلمان مساعي السويد للانضمام لحلف الناتو.