: آخر تحديث
المعارك تتكثف في شرق وجنوب أوكرانيا

ماريوبول على وشك السقوط

56
52
62

كراماتورسك (أوكرانيا): بعد نحو شهرين من الحصار يبدو أن ميناء ماريوبول الاستراتيجي الأوكراني الأربعاء على وشك السقوط بأيدي الروس الذين يكثفون هجومهم على شرق وجنوب البلاد.

وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية صباح الأربعاء أن الجيش الروسي "يركز الجزء الأكبر من جهوده على السيطرة على مدينة ماريوبول ومواصلة محاولاته الهجومية بالقرب من مصنع آزوفستال للصلب".

وكتب سيرغي فولينا من اللواء 36 في البحرية على فيسبوك ليل الثلاثاء-الأربعاء "نعيش ربما آخر أيامنا بل آخر ساعاتنا"، وتابع "عديد العدو أكبر من عددنا بعشر مرات. ... نناشد كل قادة العالم ونرجوهم مساعدتنا. نطلب منهم استخدام إجراءات الانتشال ونقلنا إلى أراضي دولة ثالثة".

ولم تعلق روسيا مباشرة على التطورات. لكن الانفصاليين الموالين لموسكو في منطقة دونيتسك - حيث تقع ماريوبول - ذكروا أن خمسة جنود أوكرانيين يدافعون عن مصنع الصلب ألقوا أسلحتهم وأنه تم إجلاء 140 مدنيا.

تخشى السلطات الأوكرانية أن تكون حصيلة القتلى المدنيين في المدينة قد بلغت 20 ألفا على الأقل خلال شهر ونصف من المعارك. وقال مجلس بلدية المدينة على تطبيق تلغرام الثلاثاء إن المقاتلين الأوكرانيين متحصنون في الموقع لكن هناك "ألف مدني على الأقل معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، في ملاجئ تحت الأرض" في المجمع الصناعي.

وأعلنت كييف أنها توصّلت إلى اتفاق مع روسيا حول ممرّ إنساني لإجلاء مدنيين من مرفأ ماريوبول. وقالت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني في رسالة عبر تلغرام "توصّلنا إلى اتفاق مبدئي حول ممرّ إنساني للنساء والأطفال وكبار السنّ".

ويتمّ إجلاء المدنيين عبر هذا الممرّ إلى مدينة زابوريجيا الواقعة إلى الجنوب. وصرّحت فيريشتشوك "نظرا للوضع الكارثي في ماريوبول، نركّز الجهود على هذه الوجهة اليوم".

ودعي السكان إلى التجمع لنقلهم إلى زابوريجيا. والرحلة التي تمتد مئتي كيلومتر تستغرق أحيانًا أياما مع عبور أكثر من عشرة نقاط تفتيش.

وكانت روسيا دعت الثلاثاء المدافعين عن ماريوبول إلى وقف مقاومتهم بعد إنذار أول وجهته الأحد. وستسمح لها السيطرة على المدينة بربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، بالجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين لها في دونباس.

تكثف القتال في شرق أوكرانيا منذ مساء الاثنين. وبعد سلسلة من الضربات أعلنت عنها موسكو الثلاثاء، أفادت وزارة الدفاع الأوكرانية صباح الأربعاء عن "محاولة هجوم" على بلدتي سوليجيفكا وديبريفني في منطقة خاركيف وكذلك على روبيزني وسيفيرودونتسك في منطقة لوغانسك.

دعا حاكم المنطقة سيرغي غايداي المدنيين مجددًا إلى الرحيل. وكتب على تطبيق "تلغرام" أن "الوضع يزداد تعقيدا ساعة بساعة".

في كراماتورسك، أكبر مدينة في دونيتسك، قال السكان في تصريحات لوكالة فرانس برس إنهم يتحضّرون للأسوأ. وقال ألكسندر البالغ 53 عاما "إن لم يهدأ الروس، لا شيء يبشر بالخير".

من جهتها قالت نينا البالغة 60 عاما والتي يغمرها الحنين للحقبة السوفياتية حين "لم يُتعرض أحد لهجوم"، لكنها أعربت عن أملها بأن "تجري الأمور على نحو جيد".

وذكر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية أن روسيا عززت وجودها العسكري في شرق وجنوب أوكرانيا وتنشر حاليًا ما مجموعه 76 كتيبة.

وذكر صحافيون من وكالة فرانس برس أن القصف تكثف ايضا في الجنوب وهو جبهة اخرى. وشهدت قريتا مالا توكماشكا وأوريخيف على بعد 70 كيلومترا جنوب شرق زابوريجيا تصاعدا في القصف.

وقال فيتالي دوفبينا إن الحرب كانت الأسبوع الماضي تبدو بعيدة لكن "الآن حين يكون مصدر القصف روسيا تهتز المنازل والأمر يصبح اكثر تواترا". ويؤكد دوفبينا إن حقيبته جاهزة دوما في صندوق الأمتعة في سيارته.

وفي نطاق منطقة زابوريجيا أعلنت وزارة الدفاع أنها شنّت ضربات على قريتي كيسيليفكا ونوفوفورونتسوفكا.

وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء عن بدء "مرحلة جديدة من العملية العسكرية الروسية".

من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إنه يتابع تنفيذ "خطة تحرير ... جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين شرق أوكرانيا التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اعترف باستقلالهما.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الجوية الروسية أطلقت "صواريخ عالية الدقة" وقامت بتحييد 13 موقعا محصنا للجيش الأوكراني، داعية الأوكرانيين إلى الاستسلام. وأضافت في بيان "لا تعاندوا القدر واتخذوا القرار الصحيح الوحيد بوقف العمليات العسكرية وإلقاء السلاح".

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي لصحافيين الثلاثاء إن الأوكرانيين "لديهم اليوم عدد من الطائرات المقاتلة بتصرفهم أكبر مما كان قبل أسبوعين".

وأضاف "بدون الخوض في التفاصيل بشأن ما تقدمه دول أخرى يمكنني القول إنهم تلقوا طائرات وقطع غيار إضافية لزيادة أسطولهم"، ملمحا إلى أن الأمر يتعلق بطائرات روسية الصنع.

بعد إعلان جو بايدن إرسال شحنة قطع مدفعية هاوتزر الأسبوع الماضي، تعكس الخطوة الأخيرة تغييرا في موقف الغرب الذي رفض لأكثر من شهر تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة، لتجنب أي تصعيد للصراع.

غير أن قيادة القوات الجوية الأوكرانية قالت إنها "لم تتسلم طائرات جديدة" بل "قطع غيار لإصلاح الطائرات الموجودة".

وطلبت كييف من شركائها الغربيين طائرات "ميغ-29" تدرب عسكريوها على قيادتها ويملكها عدد قليل من دول أوروبا الشرقية.

وأعلنت الحكومة النروجية أنها قدمت لكييف نحو مئة صاروخ مضادة للطائرات من تصميم فرنسي.

ومن المقرر أن توافق واشنطن على حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تصل إلى 800 مليون دولار، بعد أقل من أسبوع على إعلان سابق عن مساعدة بالقيمة نفسها حسبما أفادت عدة وسائل إعلام أميركية الثلاثاء.

الأربعاء جدّد الاتحاد الأوروبي دعمها لأوكرانيا خلال زيارة أجراها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى كييف.

وزار ميشال بوروديانكا، إحدى المناطق القريبة من العاصمة الأوكرانية حيث وعلى غرار بوتشا التي زارتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، تتّهم السلطات الأوكرانية روسيا بارتكاب مجازر بحق مدنيين.

وقال ميشال "التاريخ لن ينسى جرائم الحرب المرتكبة في أوكرانيا".

والأربعاء أعلن رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز أنه سيزور كييف في الأيام المقبلة وسيلتقي الرئيس الأوكراني وسيؤكد له "التزام" مدريد والاتحاد الأوروبي تجاه بلاده.

والثلاثاء دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "هدنة إنسانية" لمدة "أربعة أيام" بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي. والأربعاء كرر منسق الأمم المتحدة لشؤون أوكرانيا أمين عوض الدعوة التي يبدو أنها لن تلقى آذانا صاغية.

في الأثناء يبدو أن المفاوضات الروسية-الأوكرانية تراوح مكانها، علما بأنها كان من المفترض أن تستأنف عبر الإنترنت بعد آخر جلسة حضورية أجريت في اسطنبول في نهاية آذار/مارس.

والأربعاء قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الأوكرانيين "يتراجعون باستمرار عمّا تم الاتفاق بشأنه"، وتابع "الكرة في ملعبهم" بعدما سلّمتهم موسكو "مشروع وثيقة" من دون أن يوضح محتواها.

منذ بدء غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير تبدو الدول الأوروبية غير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) مستعدة لاتخاذ خطوة باتجاه الانضمام إليه على غرار فنلندا التي يبدأ برلمانها الأربعاء مناقشة هذه المسألة.

ويبدو أن تقديم طلب الانضمام بات "مرجحا جدا" في الأسابيع المقبلة، على الرغم من رسائل الردع التي صدرت عن موسكو.

وتتابع السويد المجاورة عن كثب النقاش وتفكر أيضا في الانضمام إلى الناتو.

وفي حين يتوقع أن يسجل النمو العالمي تباطؤا، يرجّح أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الروسي بنسبة 8,5 بالمئة هذا العام، وان يتراجع إجمالي الناتج المحلي الأوكراني بنسبة 35 بالمئة، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار