إيلاف من بيروت: الخميس 14 أكتوبر 2021 يوم أسود. ربما ليس بسواد ذلك السبت 6 ديسمبر 1975، حين أودى "قتل على الهوية" بمئات الفلسطينيين واللبنانيين، وأدى إلى اندلاع اشتباكات كانت من أعنف ما شهدته بيروت في حربها الأهلية الشهيرة.
اليوم، أربع ساعات ونصف الساعة من الاشتباكات والقنص والقتل، أعادت إلى أذهان اللبنانيين حربًا أرادوا نسيانها إلى درجة أنهم أطلقوا شعارًا ذات يوم رفعوه عاليًا: "لا تنذكر.. ولا تنعاد"، فعادوا اليوم إلى رؤية القتلى في وسط الطريق.
يرفض اللبنانيون الحرب، لكن "ذراع إيران" لا يعرف إلا الحرب، وليس في قاموسه إلا الحرب. فهل يجرنا نحن اللبنانيين إلى حرب أهلية جديدة لا بد منها ولا مفر؟
هذا ما يتضح اليوم من اشتباك الطيونة، والتراشق في الاتهامات، على الرغم من قناعة شائعة بين اللبنانيين مفادها أن المسؤول عن قنص الأبرياء الشيعة في مستديرة الطيونة ليس مسلحًا مسيحيًا من منطقة مقابلة، إنما هو قناص من طابور خامس، وصل إلى ما أراده منذ أول رصاصة، ومنذ أول نقطة دم أريقت على إسفلت الطيونة.
لا يريد اللبنانيون العودة إلى الحرب التي لا ينفك حسن نصرالله، صاحب حزب الله، يهددهم بها ليل نهار، ما داموا لا ينصاعون لنزواته الحربية، ولا يخضعون لإرادته الإيرانية، ولا يطأطئون له الرؤوس صبح مساء.
لا يريدونها لهم ولا لأبنائهم أحفادهم، فها هي بأبهى حللها الدموية تحل فيهم على خط تماس قديم، محَوا كل أثر للدم فيه، سال طوال 15 عامًا.
كل من أطلق النار في هذا اليوم.. قاتل، إلى أي جهة انتمى، ما دام اللبنانيون عاقدي العزم على نبذ الحرب والمحاربين، وعلى التمسك بمبدأ حرية التعبير السلمي، والحق في المساءلة والمعاقبة.
يسأل من يشاهد صور مسلحي حزب الله و"أمل": "أليس من نهاية لهذا السلاح المتفلت الذي انتهى مفعوله المقاوم وبدأ مفعوله المقاول في عام 2000؟".
قد يخيف هذا السلاح الإيراني عدوكم قليلًا، لكنه يخيف المواطن اللبناني أكثر، المواطن الخائف من أن ترديه رصاصة طائشة وهو في راحة فراشه هانئًا.
لكن هذا السلاح لا يخيف الساعي إلى الحقيقة في جريمة تفجير بيروت في 4 أغسطس 2020، إنما هو دليل على خوف حزب الله نفسه من الحقيقة.