القدس: تجدد تبادل القصف العنيف الثلاثاء بين إسرائيل وقطاع غزة حيث قتل 26 فلسطينيا منذ أمس في الضربات الإسرائيلية التي جاءت ردا على إطلاق صواريخ من القطاع الفلسطيني المحاصر، في تصعيد دراماتيكي أشعلته المواجهات في القدس الشرقية المحتلة.
وبين القتلى تسعة أطفال. وأصيب أيضا 125 شخصا بجروح في الضربات الإسرائيلية، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وهو التصعيد الأعنف بين الجانبين منذ سنوات.
ونفذت إسرائيل غارات كثيرة ومكثفة ظهر الثلاثاء على قطاع غزة. وكانت دفعات من الصواريخ أطلقت منذ الصباح في اتجاه إسرائيل، وفق ما أفاد صحافيون لفرانس برس في القطاع، مشيرين الى أن الصواريخ كانت تخرج من كل مكان.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان "في ضربةٍ صاروخيةٍ هي الأكبر من نوعها، استهدفت كتائب القسام ظهر اليوم أسدود وعسقلان ب137 صاروخاً من العيار الثقيل خلال خمس دقائق، ولا زال في جعبتنا الكثير".
وأفادت صحافية في وكالة فرانس برس في عسقلان أن دوي انفجار ضخم هز المدينة الثلاثاء. وشاهدت الناس يركضون في اتجاه الملاجئ مع انطلاق صافرات الإنذار بلا توقف".
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن ما لا يقل عن 40 صاروخا أطلقت خلال دقائق باتجاه أشدود وعسقلان والمناطق المحيطة بقطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 300 صاروخ أُطلقت من غزة منذ الاثنين، وأن نظام القبة الحديدية الدفاعي اعترض أكثر من 90 بالمئة منها.
وأصيب عشرة إسرائيليين بجروح في هذه الصواريخ.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباحا أنه قصف 130 "هدفا عسكريا" في غزة، مشيرا الى مقتل 15 عنصرا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وأوضح المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس لصحافيين أن غالبية الأهداف لحركة حماس.
وأضاف "نحن في المراحل الأولى من ضرباتنا المضادة، سوف تستمر (...). نحن مستعدون لمواجهة تصعيد".
وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مقتل قياديَين ميدانيَين في سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة في غارة إسرائيلية الثلاثاء، مشيرة الى أن غارة إسرائيلية ضربت "هدفا كان يتواجد فيه مجاهدونا"، و"يوجد لدينا شهداء ومفقودون".
وكانت حركة حماس أعلنت الاثنين مقتل قيادي فيها في غارة إسرائيلية شمال غزة.
وبدأ التصعيد في غزة بعد تصاعد المواجهات في القدس الشرقية لا سيما في محيط المسجد الأقصى بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية والتي تسببت منذ أيام مئات الجرحى.
وحذرت كتائب القسام الاثنين إسرائيل بضرورة أن تسحب قبل السادسة مساء قواتها الأمنية من باحات المسجد الأقصى. ومع انتهاء المهلة، أطلقت فصائل فلسطينية مسلحة، ومن بينها حركة حماس، وابلا من الصواريخ على جنوب الدولة العبرية.
ونتيجة ذلك، ألغيت مسيرة كان سيقوم بها يهود في القدس في "يوم القدس" السنوي الذي يحتفل خلاله الإسرائيليون بضم الشطر الشرقي بعد احتلاله عام 1967.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الاثنين "المنظمات الإرهابية في غزة تخطت خطا أحمر مساء يوم القدس عبر إطلاق صواريخ حتى منطقة القدس"، مضيفا أن "إسرائيل سترد بقوة (...) من يهاجم سيدفع الثمن غاليا. أقول لكم أيها المواطنين الإسرائيليين، إن الصراع الحالي قد يستمر لفترة معينة".
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة الذي يعيش فيه قرابة مليوني شخص منذ 2007. وحصلت ثلاث حروب مدمرة منذ ذلك الوقت بين حماس وإسرائيل في 2008 و2012 و2014.
المواجهات الأعنف في القدس منذ 2017
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية من جهته الثلاثاء "لن نقبل ولن يقبل شعبنا تمرير مخططات الاحتلال في القدس، وسيستمر العمل الميداني المقاوم، وسيتصاعد لمنع الاحتلال ومستوطنيه من تحقيق أهدافهم".
وأضاف "المقاومة مستعدة ومتحفزة ولن تقف مكتوفة الأيدي، وستكون كلمتها هي كلمة الفصل في المعركة إن لم يتراجع الاحتلال ويضع حدًا لمخططاته الشيطانية".
وتشهد القدس الشرقية منذ أكثر من أسبوعين مواجهات بدأت مع احتجاجات فلسطينيين على قرار قضائي بإخلاء أربعة منازل تسكنها عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين. وتتدخل الشرطة الإسرائيلية لتفريق التجمعات والتظاهرات، مستخدمة القوة والأعيرة المطاطية وقنابل الصوت. بينما يستخدم الفلسطينيون المفرقعات والحجارة.
وتوسعت المواجهات الى باحات المسجد الأقصى، وهي الأعنف منذ 2017. وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ أكثر من 520 فلسطينياً أصيبوا بجروح الاثنين، قسم كبير منهم أصيبوا في أعينهم ورؤوسهم، في حين أعلنت الشرطة الإسرائيلية سقوط 32 جريحا في صفوفها.
وأبدت الأمم المتحدة الثلاثاء "قلقا كبيرا" حيال تصاعد أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية وإسرائيل. ودان المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل "كافة أشكال العنف والتحريض على العنف والانقسامات القومية والاستفزازات".
مواجهات في الضفة الغربية
وانتقلت المواجهات مساء وليل الثلاثاء الى الضفة الغربية المحتلة، فجرت مسيرات حاشدة في مدينة جنين في شمال الضفة وفي طولكرم وقلقيلية ونابلس ورام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية. كما توجهت أخرى نحو حاجز قلنديا وفي مدينة الخليل وقراها. وتخللتها مواجهات بين قوات الجيش الإسرائيلي وشبان فلسطينيين.
واتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني القوات الإسرائيلية "باستهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف التابعة للجمعية"، مشيرة الى أن إحدى سياراتها تعرضت "لإطلاق رصاص أدى الى إصابة الزجاج الأمامي على حاجز حوارة في نابلس"، بالإضافة الى "استهداف سيارة إسعاف أخرى بالغاز وتحطم زجاجها الجانبي في القدس الشرقية".
وقال إنه تم "الاعتداء على أحد متطوعيها بالقدس الشرقية ما أدى الى إصابته بشكل مباشر في معدته".
وجرت تظاهرات ووقفات احتجاجية في مدن وقرى عربية في إسرائيل، ووصفت الشرطة الإسرائيلية التظاهرات ب"العنيفة".
وأعلنت الشرطة مقتل عربي إسرائيلي في اللد متأثرا بجروح أصيب بها خلال مواجهات مع إسرائيليين يهود، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.
وأفاد متحدّث باسم الشرطة الإسرائيلية عن توقيف 67 مشتبهًا "بإضرام النار المتعمّد ورشق الحجارة" ستتمّ إحالتهم إلى المحكمة للنظر في طلب الشرطة تمديد توقيفهم على ذمّة التحقيق.