: آخر تحديث
في كسر غير تقليدي للتحالف الراسخ بين السلطة والكنيسة

رجال دين روس يتمردون على بوتين دفاعًا عن المعارضة!

47
65
55
مواضيع ذات صلة

موسكو: دافعت عشرات الشخصيات النافذة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في هذا الأسبوع عن متظاهرين معارضين أدانهم القضاء، في مبادرة أخذت السلطات في البلاد على حين غرة، وشكلت كسرًا للتحالف التقليدي بين الكنيسة والسلطة في روسيا. 

يرى خبراء في الشؤون الدينية أن هذه الخطوة مؤشر إلى ثورة صامتة داخل الكنيسة الروسية الغامضة. وهي أيضًا مؤشر إلى وصول جيل جديد من الكهنة، لا يخشون انتقاد مسؤوليهم. 

وفي رسالة مفتوحة وقعت الثلاثاء، طلب نحو 150 رجل دين من المحاكم إعادة النظر في الإدانات "القمعية" التي أصدرتها بحقّ ستة أشخاص اتهموا خصوصًا بـ"ممارسة العنف" ضد الشرطة خلال تظاهرات في موسكو خلال هذا الصيف. 

اعتبروا في الرسالة أن تلك العقوبات بالسجن لسنوات عديدة "أشبه إلى أسلوب لتخويف الروس"، مؤكدين أنهم يريدون "التعبير عن أملهم في أن يعيش المواطنون الروس، وهم على ثقة بالنظام القضائي". ونشر الموقعون رسالتهم بدون موافقة قيادتهم وبدون موافقة البطريرك كيريل النافذ والداعم الوفي لفلاديمير بوتين. 

يؤكد الأب قسطنطين موموتوف، راعي كنيسة فولغوغراد (جنوب)، لوكالة فرانس برس، أن المبادرة هي "ببساطة" عبارة عن "دعم مسيحي لأشخاص هم بحاجة إليه". تابع "إذا رأيت أن أحدًا ما بحاجة إلى المساعدة، فأنا كرجل دين، أريد المشاركة بذلك". 

من جهته، يقول الأب يفغيني لاباييف من تيومين في سيبيريا إن "الإجراءات التي اتخذتها السلطات والمحاكم تفرط في قسوتها". 

ورحّب العديد من الروس بهذه الرسالة التي تمت مشاركتها بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من أن البعض اعتبر أنها جاءت متأخرة. واعتبرت صحيفة "فيدوموستي" أنها "خطوة شجاعة ومسيحية بعمق (...) انتظرها المجتمع منذ وقت طويل". 

أكدت كسينيا لوتشينكو المتخصصة بشؤون الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بأن المبادرة "لم تكن متوقعة على الإطلاق"، موضحةً أن البلاد "لم تشهد خطوة مماثلة منذ سنوات". أضافت أن رجال الدين الموقعين على الرسالة "نجحوا في التوحد بدون توجيهات الكنيسة". 

ثورة في الكنيسة
لم يعلق أي مسؤول كبير في الكنيسة على الرسالة، لكن المجمع الكنسي نشر بيانًا أكد فيه أن موقعي الرسالة لا يملكون معرفة كافية في القانون تسمح لهم بالتعليق على الأحكام الصادرة بحق المعارضين.

ما يميّز هذه الرسالة هو تنوع خلفيات الموقعين. وإلى جانب رجال دين ليبراليين معروفين من موسكو وآخرين من الخارج، وقع الرسالة العديد من رجال الدين المنخفضي الرتب من المناطق الروسية كافة. 

بحسب الخبير الديني الروسي رومان لوكين، فإن هؤلاء الكهنة، الذين يخاطرون بـ"مناهضتهم للنظام"، محبطون من التوجه الذي تتخذه الكنيسة منذ سنوات عدة. ورأى أنها "ثورة في الكنيسة"، يقودها بشكل رئيس رجال دين تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسين.

وأوضح أنهم "لا يحبذون كون الكنيسة مقربة جدًا من السلطات. ويقولون إن ذلك يضر بمهمتهم التبشيرية عند الشباب". لفت بعضهم الأنظار في هذا الصيف في موسكو بسماحهم للمتظاهرين بالاختباء في الكنائس هربًا من الشرطة. 

خونة بملابس الرهبان!
يؤكد ديميتري سفيردلوف، وهو كاهن سابق، فقد رتبته بعدما تحدث ضد قيادة الكنيسة في 2012، أن موقعي الرسالة سيدفعون "حتمًَا" الثمن. 

يضيف أن "النظام الكنسي يتطلب طاعة تامة"، كما إن للكنيسة "موارد هائلة" تتيح لها إسكات المنتقدين في صفوفها، الذين يطلق عليهم البطريرك كيريل اسم "خونة بملابس الرهبان". ورأى أنه يمكن أن يتم خصوصًا تخفيض المخصصات المالية لهؤلاء الكهنة إلى "الحد الأدنى للمعيشة".

من جهتها، ترى كسينيا لوتشينكو أن البطريرك كيريل ينتظر رد السلطات على الحراك الاحتجاجي الحالي ضد القمع، الذي يقوده العديد من شخصيات المجتمع المدني والثقافي، قبل أن يقرر موقفه. 

أيًا تكن العواقب، يشكل خروج أولئك الكهنة عن صمتهم "تغييرًا مهمًا" في بلد يؤكد 71 بالمئة من مواطنيه أنهم تابعون للكنيسة الأرثوذكسية، بحسب دراسة لعام 2017 لمركز "بيو" للأبحاث. وقالت لوتشينكو، إن هذا الموقف يثبت أن رجال الدين "مستعدون للمخاطرة من أجل الناس". 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار