مراكش: أعاد ترميم مدرسة بن يوسف العتيقة بمراكش (جنوب المغرب) السؤال حول التدابير المتخذة من قبل المسؤولين في إصلاح مباني تراثية بالمدينة، حيث اعتبرت هيئات حقوقية ومهتمين بالتراث أن ورش الإصلاح الذي تباشره لجنة مركزية مختصة من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية المغربية يتم خارج المعايير الدولية لترميم التراث، كما ينجزه مهندسون وصناع غير مؤهلين لترميم مدرسة عتيقة عمرها 1000 سنة تقريبا.
ورغم أن مدرسة بن يوسف العتيقة تعد مدرسة حبوسية، وهي تابعة لوزارة الأوقاف المغربية باعتبارها توجد ضمن المركب الديني الذي يضم جامع بن يوسف، بالإضافة للمدرسة التي كانت بمثابة إقامة جامعية للطلاب في عصور سابقة، حيث تشرف الوزارة بشكل مباشر على ترميمها و إعادة إصلاحها، إلا أن بعض المهتمين بالتراث اعتبروا أن صرحا تراثيا بهذا الحجم، تخرج منه كبار علماء المغرب و الذين مثلوا أجيال مختلفة و عصورا كثيرة، ينبغي أن تجرى عملية ترميمه بتنسيق مع كافة المتدخلين، سواء في المجال الثقافي أو التراثي.
ولم يخف آخرون تحفظهم على ورش الترميم، مبدين تخوفهم من تشويه معلمة بحجم مدرسة بن يوسف، إلا أنهم اعتبروا أن المسـألة ترتبط بقوانين منظمة لقطاعات حكومية، وهي التي منحت وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية الحق في التدخل المباشر في عملية الترميم بتنسيق مع السلطات المحلية بالمدينة كالوكالة الحضرية لمراكش، مؤكدين على ضرورة التنسيق مع مفتشية الآثار التي تتوفر على خبراء في المجال.
واعتبر بعض الباحثين في التراث أن تشويه معالم تاريخية بالمدينة لا يقتصر على مدرسة بن يوسف وحدها، بل إنه يمتد لبنايات تاريخية أخرى بالمدينة العتيقة، مما يستوجب تدخلا ملحا وعاجلا لترميم المباني و المعاني كذلك، حيث يتطلب الترميم إعادة إصلاح المبنى مع الحفاظ على جوهره و شكله الهندسي و ليس تجديده.
ويرجع أغلب الباحثين في التراث بالمدينة سبب ذلك لغياب مهندسين معماريين يتوفرون على دراية كافية بالنسيج العمراني القديم وبثقافة المدينة ، ناهيك من انعدام الصناع الحرفيين الذين يتقنون بعض الحرف كالجبس و النقش وغيرهما من الصناعات التي كان يتوارثها هؤلاء الصناع أبا عن جد متمسكين بتقنياتها التقليدية.
وبدوره حذر فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تفويت هذه الصفقة من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لترميم مدرسة بن يوسف العتيقة بمراكش، لإحدى الشركات الخاصة بمبلغ مالي يتجاوز 4 ملايير سنتيم (4,3 مليون دولار) باعتبارها غير مؤهلة لتنفيذ العملية.
واعتبرت الجمعية، في بيان أصدرته امس ، أن العمل بالورش يتم خارج المعاييير الدولية لترميم الثراث، في غياب إحترام التخصص والمهنية المطلوبين، مع الارتكاز على عمال يفتقرون للتكوين والخبرة اللازمتين، مؤكدة أن ما يقع هو تدمير لمعالم ثراتية وإرث حضاري انساني.
وعبرت الجمعية عن استغرابها محاولة إعادة بناء الرافعات بالاسمنت المسلح ، معتبرة استعمال الاسمنت والحديد ومواد أخرى منذ بداية الاشغال هو محاولة لاتلاف معالم المدرسة، والجهل بتقنيات ومعارف وفنية الترميم، مؤكدة على أن ما يقع جريمة ثقافية وانتهاك الحق الانساني في حماية الثراث التاريخي وصيانة الذاكرة الجماعية.
وطالب الفرع بوقف الاشغال بما يسمى ترميم مدرسة بن يوسف العتيقة، ووقف الصفقة وكل مخرجاتها، واسناد عملية الترميم لوزارة الثقافة ومديرية حماية الآثار تحت اشراف المختصين.