سلا: أجمعت فعاليات نسائية سياسية وحقوقية وجمعوية على الدور الريادي الذي تلعبه المرأة المغربية المقيمة بالخارج، من خلال العديد من الإنجازات والمكتسبات التي حققتها في العقدين الأخيرين، وذلك على هامش تنظيم الدورة الخامسة عشرة لملتقى تاء التأنيث للإبداع النسائي، من طرف جمعية أبي رقراق بمدينة سلا، مساء السبت، حول موضوع"الهجرة في المؤنث".
أدوار متعددة
وقالت عواطف دريهم، منسقة قطب شؤون المرأة و الأسرة والمنظمات النسائية بالجمعية، إن المرأة المغربية تعتبر خير ممثل لمجتمعها داخل وخارج حدود الوطن، لأنها استطاعت القيام بأدوار متعددة، مع محافظتها على التراث المغربي الأصيل، وتمكينه من متطلبات العصرنة، من أجل بناء واجهة مشرفة لبلادها، دون إغفال ما تضطلع به من دور اجتماعي واقتصادي.
وأشارت دريهم في الكلمة التي ألقتها نيابة عن نور الدين اشماعو، رئيس جمعية أبي رقراق، أن النساء تمثلن حوالي 50 بالمائة من مغاربة الخارج، تعملن جنبا إلى جنب رفقة الرجل من أجل مواجهة الصعوبات في بلدان الإقامة، إضافة إلى حرصهن على تشبث أبنائهن بقيم وتقاليد الوطن الأم.
وسجل محمد الخشاني، رئيس جمعية الدراسات و الأبحاث حول الهجرة، وجود ما يقرب مليوني و 400 ألف مغربية بدول المهجر، و اعتبر أن الهجرة النسائية مرت بعدة مراحل، حيث كانت المرأة شبه غائبة في ستينات القرن الماضي، قبل أن تصبح هجرتها واقعا حقيقيا أوائل السبعينات في ظل التجمع الأسري، لتصبح تجربتها أكثر تأثيرا في مرحلة ثالثة، حيث أصبحت كيانا مستقلا غير تابع لسلطة الزوج.
و حول وجهات الهجرة المفضلة لدى المغربيات، زاد المتحدث قائلا"هناك إسبانيا وإيطاليا ودول الخليج، فضلا عن الهجرة الموسمية للنساء اللواتي يشتغلن في حقول جني الفراولة، وهي التي لا تخلو من تسجيل مشاكل متعددة، سواء تعلق الأمر بالمرأة التي تعيش وضعية هشاشة، أو الحاصلة على شهادات دراسية عليا و مسار متميز مهنيا".
و قال إن أسبابها غالبا ما تكون ذات طابع سيكولوجي واجتماعي، إضافة إلى عوامل جذب أخرى، تهم وجود طلب كثير على سوق الشغل النسوي، خاصة في مجالات المطاعم و أعمال النظافة ورعاية الأطفال، لدرجة أصبح معها المجتمع مصدرا للأمومة والحنان، لنساء تركن أبناءهن للاعتناء بأطفال أشخاص آخرين، دون إغفال جانب آخر، أسماه بـ"الاقتصاد الحميمي" الذي تقوم به عاملات الجنس.
وضعية معقدة
وبشأن السلبيات التي يطرحها موضوع الهجرة خاصة لدى المواطنين المغاربة بالخارج، أوضحت السعدية بلمير، القاضية و مستشارة ملحقة بالإدارة المركزية لوزارة العدل، أن دولا مضيفة تستبعد قانون البلد الأصل لصالح البلد المستقبل، وهو ما يساهم في تعقيد وضعية العديد من مغاربة المهجر، حينما يتعلق الأمر بموضوع نزاعات قانونية، في مقابل وجود قانون خاص بالأجانب المقيمين بالمغرب، يضمن لهم كامل حقوقهم.
من جانبها، قالت نزهة الشقروني، الوزيرة السابقة للجالية المغربية المقيمة بالخارج، إن هدف الهجرة في سنوات الستينات كان بالأساس لإعادة بناء أوروبا من طرف المواطنين الذين اتخذوها وجهة للاستقرار والبحث عن فرص أفضل.
وأكدت أن الجيل الثاني والثالث و الرابع من المهاجرين المغاربة عاشوا على الهامش، في ظل وجود عراقيل منعتهم من مواكبة التطور الذي شهده المغرب، و كذا عدم تمكنهم من الاستفادة من التقدم في البلدان الأوروبية .
وقالت السفيرة السابقة في الديار الكندية"النساء كن يهاجرن بحثا عن الحرية و نزع القيود التي يفرضها المجتمع، والمتمثلة في الصراعات الثقافية اليومية، بحثا عن الاعتراف بوجودهن و حضورهن كمواطنات مستقلات".
وشهد ملتقى تاء التأنيث تقديم شهادات لفاعلات مغربيات في ديار المهجر، عن طريق سرد تجربتهن في الدراسة والعمل، واستعراض ما عشنه من مشاكل من طرف مواطنين غربيين لا يقبلون الاختلاف، و هو ما شكل حافزا بالنسبة لهن من أجل فرض وجودهن في الميادين المهنية التي اخترنها، كسفيرات حقيقيات للمملكة في العديد من دول العالم، حيث تم تقديم دروع تكريمية لهن من طرف نور الدين اشماعو و عواطف دريهم وفاعلين مغاربة آخرين، تقديرا على مجهوداتهن و تشريفهن للمرأة المغربية خارج حدود البلد.
و لم يخل الملتقى من بصمة فنية، بمشاركة الفنانة الشابة مريم عصيد، التي قدمت مقطوعات غنائية ممزوجة بين كلمات أمازيغية وإنجليزية، لزهرة هندي ، وهي فنانة فرنسية من أصل مغربي، جعلت الحاضرين يبهرون بصوتها و يتفاعلون معها بالغناء والتصفيق، إضافة إلى تنظيم معرض لإبداعات نسائية تشكيلية و حرفية ومجالية.