: آخر تحديث
خلال ندوته في مهرجان الجونة

شريف عرفة: السينما إحساس وليست قضية

1
1
1

إيلاف من الجونة: في ندوة حوارية ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي، قدّم المخرج الكبير شريف عرفة واحدة من أكثر الجلسات ثراءً في المهرجان، متحدثًا عن تجربته الممتدة لعقود في السينما المصرية، وعن فلسفته في الإخراج، وعلاقته بالممثلين، وتفاصيل من كواليس أفلامه التي أصبحت علامات خالدة. الندوة أدارها الفنان عباس أبو الحسن، وشهدت حضورًا واسعًا من النجوم والنقاد.

 السينما شعور لا قضية

استهل شريف عرفة حديثه بالإجابة على سؤال جوهري وهو لماذا نصنع فيلمًا؟، مؤكدًا أن الدافع الأول خلف إخراجه لأي عمل ليس "القضية" بل الشكل السينمائي الذي يحمل الإحساس الإنساني.

 وقال "عرفة": "السينما وسيلة بصرية لتحريك المشاعر، وليست منبرًا لطرح قضايا". وأضاف أن ما يشغله دائمًا هو المعالجة البصرية" وليس الفكرة وحدها، موضحًا أنه يقول ذلك وهو لا يحمل في رصيده أفلامًا تافهة -على حد وصفه- بل إن أعماله تحتوي على عمق إنساني حقيقي.

وأوضح أنه لا يخطط لمسيرته وفق مراحل أو اتجاهات، بل يصنع كل فيلم انطلاقًا من الحلم والشغف، لافتًا إلى أنه لم يقرر أبدًا عمل فيلم بناء على من هو بطله القادم، بل يصنع أفلامًا تعكس شخصيته، ويختار لها الممثل المناسب.

 الموهبة جوهر الإبداع

تحدث عرفة عن الموهبة بوصفها جوهر الإبداع، مشيرًا إلى أن السينما تحتاج إلى الموهوب والمقلد، لكن المبدع هو من يحوّل المشهد المألوف إلى لحظة لا تُنسى.

وأشار إلى إعجابه الكبير بالمخرج نيازي مصطفى الذي وصفه بـ"الأعجوبة التي لم تنل حقها"، معتبرًا أنه من صانعي السينما المصرية الحقيقية. كما تحدث عن تأثره بمخرجي الجيل السابق، قائلاً: "تعلمت من حسن الإمام روح التاريخ، ومن عاطف سالم دفء البيت المصري، ومن والدي سعد عرفة الانضباط في العمل".

وكشف عن أنه سرق مشهدًا واحدًا في حياته من فيلم أجنبي، لكنه أعاد صياغته بشكل مختلف في "الإرهاب والكباب" عندما نزع عادل إمام أغطية السرير تباعًا بحثًا عن زوجته المختبأة تحت طبقاتها، قائلاً: "عندما أصبح المشهد ملكي، عرفت الفرق بين الموهوب والمقلد"، موضحًا أن المشهد الأصلي كان الممثل ينتزع ملابس الممثلة وليس الأغطية كما فعل.

 الشخصية الحية

يرى شريف عرفة أن الجمهور لا يتذكر زوايا الكاميرا أو تكنيك المخرج، بل الشخصيات هي التي تعيش في الذاكرة. وقال: "هل يتذكر أحد منا كادرات فيلم "الناظر"؟ بالطبع لا، لكن جميعنا لا زلنا  نتذكر عاشور وجواهر".

وأضاف أن المخرج الذي لا يحب الممثل لا يمكن أن ينجح، لأن الشخصية هي العنصر الأهم في الشاشة.

 واستشهد المخرج بأحد مشاهد الفنانة القديرة سناء جميل في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" الذي أعاد تصويره 13 مرة للوصول إلى الدمعة الحقيقية التي تصنع التأثير.

كواليس وذكريات

تحدث عرفة عن كواليس تصوير أفلامه وأهمها الكواليس الصعبة لفيلم "الناظر" مع الفنان الراحل علاء ولي الدين، قائلاً إن الفيلم كان "كابوسًا" بسبب تعدد الشخصيات التي جسدها الممثل نفسه بتقنيات بدائية آنذاك، لكنه أصبح علامة في السينما المصرية. ولفت إلى أنه اضطر لأن يجسد علاء شخصيات الابن والأم والأب لأنه لم يجد لدور الوالدين ممثل وممثلة مناسبين.

وعن تجسيد الرجال لأدوار النساء قال إن السينما عرفت ذلك التجسيد منذ بداياتها، وقد برع الكثير من الفنانين في ذلك، ولكن أبرزهم كان إسماعيل ياسين الذي تلبس دور المرأة بطريقة "تقشعر لها الأبدان".

كما تطرق إلى تجربة فيلم "فول الصين العظيم" قائلاً إن الجمهور ما زال يتذكر شخصية "أبو موتة" رغم ظهورها لدقيقة واحدة، مشيرًا إلى أن هذا دليل على قوة الشخصية وليس التكنيك.

أحمد زكي وتصريحات جريئة

أكثر التصريحات الجدلية لشريف عرفة كانت عن الفنان الراحل أحمد زكي، حيث قال المخرج إنه كان "موهبة صرفة بلا تكنيك"، يستطيع أن يؤدي المشهد ببراعة من أول مرة ولا يقدر على تكراره ثانية. وأضاف: "في فيلم اضحك الصورة تطلع حلوة، صورنا مشهدًا مؤثرًا وهو يوصل ابنته إلى كلية الطب بفخر، رغم أنه في الحقيقة لم يكن أبًا عظيمًا، فلم يقدم على توصيل ابنه للمدرسة ولا مرة واحدة طوال حياته، لكنه جعلنا نصدّق المشهد لأنه ممثل فطري يعتمد على إحساسه".

 الفن والإحساس الإنساني

اختتم شريف عرفة حديثه بالتأكيد على أن أسمى ما في الفن هو "الإحساس الإنساني"، وأن السينما ليست مجرد صناعة بل حوار صادق بين المخرج والجمهور. وقال: "الفيلم الناجح ليس من يحقق إيرادات أعلى، بل من يعيش أطول، ويظل في الذاكرة ويلامس القلب".

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه