إيلاف من الرباط:بعد نحو 56 سنة على زيارتها الشهيرة للمغرب، التي تميزت بإحيائها لثلاث حفلات على خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط، أيام 4 و8و12 مارس 1968، تعود سيدة الطرب العربي أم كلثوم إلى نفس الفضاء الذي شهد لقاءها بجمهورها المغربي، لتهدي جمهور مهرجان "موازين .. إيقاعات العالم" في دورته ال19، لكن بتقنية الهلوغرام ثلاثية الأبعاد، ضمن برنامج سهرات الأحد، سهرة طربية استثنائية تحمل عبق الزمن الجميل.
وأظهر "حفل أم كلثوم بتقنية الهولوغرام" أن عشق الجمهور العاشق للفن الراقي لم تنل منه مستجدات الساحة الفنية، ولا يمكن أن ينسى أو يغيب عن البال، حتى وإن تعلق الأمر بفنانة راقية، أصيلة ومبدعة، غادرت الدنيا قبل نحو نصف قرن، ما يعني أن الفن العظيم يبقى حيّا يتنسمه العشاق على اختلاف أجيالهم، مهما تغير الزمن وتبدلت الحساسيات الفنية.
و"أقبلت" كوكب الشرق أو الست، كما يحلو للكثيرين تسميتها، على الجمهور بشغف كبير لمعانقة فنها الطربي الخالد، بإطلالة أنيقة، بهية ومتوهجة، مرتدية فستانا أبيضا بخطوط ذهبية، فاستُقبلت بتصفيقات حارة وهتافات جماهيرية لم تتوقف إلا بانطلاق عزف مقدمة موسيقية لرائعة "إنت عمري"، التي أبدعتها سيدة الغناء العربي سنة 1964، ولحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب.
كان مشهد المتعة متساوقا مع الحنين الملتاع؛ الحاضرون يرددون بإتقان مبهر كلمات هذه القطعة الفنية الخالدة، وكأن السيدة أم كلثوم حية ترزق وحفلها هذا حقيقي وواقعي لا افتراضي.
وبفستان أسود اللون تتخلله لمسات وردية أنيقة ومبهرة، كانت إطلالة "الست" الثانية على جمهور موازين، الذي ابتهج بتقديمها رائعة "سيرة الحب"، التي صدرت سنة 1964، ولحنها الموسيقار بليغ حمدي، فلاقت ولا تزال شهرة واسعة في الوطن العربي وعبر العالم أيضا.
وتوالى، على امتداد ساعة ونصف ساعة من الزمن الجميل، تقديم باقة مميزة من الروائع الخالدة لكوكب الشرق، التي أتحفت الحضور بتقديم كل من روائع "ألف ليلة وليلة"، "الأطلال"، و"لسه فاكر"، بإطلالات متنوعة وجذابة قاسمها المشترك البهاء والتوهج والشموخ الفني لسيدة طالما شكلت وستظل عنوانا لمدرسة الفن الأصيل.
وأجمعت مختلف التصريحات التي استقتها وكالة الأنباء المغربية من الجمهور الحاضر، معظمه لم يعاصرها، على تميز حفل السيدة أم كلثوم بتقنية الهولوغرام ، وذلك باعتبار خروجه عن المألوف وتجديده للعهد بين المستمع الذواق ورواد الأغنية الطربية الكلاسيكية.
وقالت كوثر، بالمناسبة، "لم يكن من الوارد أن أغيب عن هذا الحفل الاستثنائي لفنانة عظيمة من الزمن الجميل التي تذكرني أغانيها الخالدة بنشأتي وطفولتي"، مسجلة "أعشق كل أغاني السيدة أم كلثوم، خاصة منها (بعيد عنك)، و(سيرة الحب)، و(فات الميعاد).
أما كلثوم، فأكدت، في تصريح مماثل، أن سيدة الغناء العربي تعتبر فنانة عظيمة على مر التاريخ، مبرزة "أعشق كل أعمال كوكب الشرق الغنائية مثل رائعتي (أغدا ألقاك) و(الحب كله)".
سعيد، بدوره، أعرب عن ابتهاجه ببرمجة حفل أم كلثوم ضمن فعاليات مهرجان موازين لهذه السنة في فضاء المسرح الوطني محمد الخامس، 'الذي يعتبر فضاء للذاكرة أحيا فيه مشاهير العالم حفلات وسهرات خالدة لا تنسى، مثل سيدة الغناء العربي أم كلثوم".
وتقام الدورة الـ 19 لمهرجان "موازين" من 21 إلى 29 يونيو الجاري، تحت رعاية الملك محمد السادس. وتقترح برنامجا غنيا يلبي كافة الأذواق ويجمع أكبر نجوم العرب والعالم، ما يجعل مدينتي الرباط وسلا مسرحا للقاءات استثنائية بين الجمهور ومشاهير الفنانين.