إيلاف: تجربة فريدة خاضتها المخرجة الفرنسية من أصول جزائرية مايوين، في آخر أفلامها "جان دو باري" حيث أدت الثلاث مهام الأساسية فيه (البطولة والإخراج والتأليف)، التجربة التي أشاد بها نجم هوليوود وبطل فيلمها جوني ديب، قائلًا إنها كانت مذهلة.
التقينا مع مايوين، أثناء حضورها مهرجان البحر الأحمر السينمائي، الذي أقيم على مدار أسبوع في مدينة جدة، واحتضن رقم كبير من نجوم الفن في العالم، وصناع السينما أيضًا.
المخرجة تحدثت عن فيلمها "جان دو باري" الذي يخوض فيه النجم جوني ديب تجربة التمثيل بالفرنسية، في دور الملك لويس الخامس عشر، وعن شخصية بطلتها، وسبب اختيار تلك الشخصية تحديدًا لتقدمها في السينما، ودور مهرجان البحر الأحمر في خروج الفيلم للنور.
جان دو باري.. لماذا؟
في البداية تحدثت مايوين عن سبب اختيارها لشخصية "جان دو باري"، قائلة: "هي شخصية مختلفة، لقد عاشت حياتها تحاول استغلال كل لحظة في وقت لم تتواجد فيه هذه الفلسفة بالشكل المتاح اليوم".
أضافت: "وقد يكون جزء من الإعجاب بالشخصية كونها المرأة الأولى التي ترتدي زيّ الرجل.. نعم كانت هي المرأة الأولى، وأضفت للحوار بعض الأحاديث الخيالية لتلائم المشاهد التاريخية التي نرويها، ولكني اخترت المشهد الذي ترتدي فيه زيّ الرجل تحديدًا لأنه يرمز للقضية.. قضية حرية المرأة".
واستطردت قائلة: "لا أقوم بصنع نوع معين من الأفلام، لقد شعرت برغبتي في صنع هذا الفيلم لأني أحببتها وأحببت قصة حياتها و الفترة التاريخية التي عاشت فيها، فمن الصعب شرح لماذا أحببت تقديمها، ولكني أحببتها باختصار، كنت مهووسة بها ولعل سبب ذلك أنها كما ذكرت سابقًا امرأة حرة، وبالطبع لا أحب أي امرأة حرة، ولكنها كانت حالة فريدة من نوعها، وعانت كثيرًا من الإهمال والغربة".
أوضحت: "لا أحاول معرفة لماذا أفعل ما أفعل ولماذا أحب ما أحب، لأني أشعر أننا دائما نحاول تبرير أنفسنا وإيجاد أسباب منطقية لما نفعله، أنا أشعر أن هناك أشياء خارجة عن إرادتنا، أشياء جوهرية".
وعن تقديم شخصية جان دو باري بشكل مختلف عما ظهرت في أعمال أخرى قالت: "في كل المرات التي تم تجسيد هذه الشخصية في الأعمال، ظهرت كرمز للإغراء والإغواء، لقد شعرت بأنها لم تُقدم بالشكل الصحيح وأظن أني أعطيتها حقها".
تعايشت مع الشخصية لأكثر من 16 عامًا
وعن تحضيراتها للدور، قالت المخرجة إنها قضت معها حوالي 16 عامًا في عقلها، فلقد قرأت الكثير عنها حيث كرست سنوات من حياتها للتعمق في سيرتها، حيث تتبعت أشهر عباراتها، والأحداث الرئيسية في حياتها، حتى أنها شعرت بأنها تعيش معها.
ووصفت مايوين الأمر بأنها كانت تشعر وكأنها امتداد لـ"جان دو باري"، كشيء أشبه بالتناسخ، والذي أوضحت أنها لا تؤمن به بشكل كامل، ولكن هناك رابط غريب بينهما.
كما أشارت إلى أنها تركت لنفسها مساحة تعبير فنية أثناء تقديم الدور، تتمثل في ردود الأفعال، والتفاعل مع الآخرين.
الإخراج والتمثيل معًا يشبه لوحة فنية لرسام عن نفسه
وتطرقت مايوين في حديثها الى صعوبة الإخراج والتمثيل في نفس العمل، قائلة: "لقد كان تحديًا، ولكن الإخراج نفسه عملية شاقة، فلقد أخرجت أفلامًا مثلت بها، وأخرى لا، في النهاية كلاهما تحد مختلف".
أضافت: "في نهاية الفيلم أشعر بالفراغ لأني قدمت كل ما أملك لهذا العمل. وعندما أشارك في العمل كممثلة بجانب الإخراج، أعقد روابط أخوية مع الممثلين، تلك الروابط لا تحدث في الأعمال التي أخرجها فقط".
وأشارت إلى أنها تعتبر نفسها ممثلة ومشاهدة في نفس الوقت، وهو أمر صعب وغريب، لافتة إلى أن الإخراج علمها الكثير عن التمثيل.
ووصفت مايوين، التمثيل في عمل تخرجه، بلوحة فنية يرسمها الفنان لنفسه، حيث قالت: "الكثير من الرسامين لديهم لوحات فنية لأنفسهم، ولذلك تفسير قائم على علم النفس، فهم لا يفعلون ذلك لأنهم أشخاص نرجسية تحب نفسها ولكنهم يشعرون أنهم يلبون نداء ما".
كما أكدت أن كلا الدورين -الممثلة والمخرجة- تعاني فيهما، مشيرة إلى أنه في أوقات كثيرة يصعب عليها مشاهدة نفسها على الشاشة، وفي نفس الوقت تلك اللحظة تلمس شيئا جوهريًا بداخلها، واصفة حالتها في التمثيل والإخراج بأنها "معاناة".
الكوميديا من قلب الدراما
وأشارت مايوين، إلى أنها تعمدت وضع بعض اللمسات الكوميدية، في المشاهد الدرامية في العمل، لأنها تعتقد أن الحياة تكون أكثر متعة عندما يكون لدى الإنسان روح دعابة، تخرج منه في كل موقف، خاصة في تلك المواقف الدرامية الحزينة، مستشهدة بمقولة لكاتبة فرنسية تقول فيها: "يجب أن تكون الحياة نكتة".
ممتنة للبحر الأحمر بسبب جان دو باري
وأعربت المخرجة والممثلة الفرنسية، عن امتنانها البالغ لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، على تمويله لفيلم "جان دو باري"، ووصفت ذلك بأنها خطوة استثنائية.
وكشفت مايوين، أنها في أحد أيام التصوير أخبرها المنتج أن لولا البحر الأحمر، لما كان هذا الفيلم رأى النور، معلقة: "من المهم بالنسبة لي أن أظهر امتناني لإنتاج البحر الأحمر لأنهم لم يقوموا بدعم أي فيلم فرنسي عادي، إنما فيلمًا يتحدث عن حرية المرأة في القرن الثامن عشر، فدعم المهرجان للعمل أمر يستحق الإشادة".
متحمسة لمشاهدة السينما السعودية
وفي سياق الحديث عن الأعمال السينمائية، وتواجدها في المملكة العربية السعودية، أجابت على سؤال إن ما كانت شاهدت أحد الأفلام السعودية بلا، ولكنها أكدت أنها متحمسة لمشاهدتها قريبًا، لتتعرف أكثر على تلك التجربة الوليدة.