: آخر تحديث

معركة من أجل السلام

4
5
4

بينما يغرق العالم في دوامة حرب مدمرة تحصد الأرواح وتدمر الاقتصادات، جاء تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليكسر هذا المسار الدموي ويفتح نافذة حقيقية للسلام. بعد لقاء غير مسبوق بين فريق الأمن القومي الأميركي ونظرائه الروس في السعودية، استضاف ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لحظة كان يمكن أن تكون نقطة تحول تاريخية.

ترامب، وبكل وضوح، وضع رؤيته على الطاولة. هو يقف مع الشعب الأميركي، مع أوكرانيا، ومع العالم بأسره، لكن ليس عبر تمويل حرب لا نهاية لها، بل بالسعي إلى إنهائها قبل أن تدفع الجميع نحو صراع عالمي ثالث. إنها لحظة الحسم، والفرصة الأخيرة لمنع انزلاق أوروبا وأميركا إلى حرب قد لا يخرج منها أحد منتصرًا.

لقاء محرج.. وزيلينسكي في موقف لا يُحسد عليه
بالنسبة لكثيرين، كان لقاء ترامب وزيلينسكي أشبه بمشاهدة حادث يقع أمام أعينهم دون القدرة على منعه. رئيس أوكرانيا، الذي اعترف بنفسه بأن مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية لا تزال مفقودة، لم يكن في موقف يسمح له بالمزايدة أو تجاهل الحقائق. ومع ذلك، لم يظهر بالحد الأدنى من الحكمة المطلوبة لمثل هذه اللحظة الفاصلة.

في وقت كان يجب عليه أن يتصرف كزعيم يدرك حجم الدعم الأميركي الذي أبقى بلاده صامدة، اختار زيلينسكي لغة التحدي والاستعراض، مدفوعًا بوعود أوروبية خاوية لا تحمل أي التزام جاد بإنهاء الحرب. لقد حوّل ما كان ينبغي أن يكون اختراقًا دبلوماسيًا إلى إحراج دولي، ليس فقط له ولكن لأوكرانيا بأكملها.

ترامب يفتح الباب.. وزيلينسكي يغلقه بغرور قاتل
ما قدمته إدارة ترامب لم يكن مجرد دعم سياسي، بل خطة عملية يمكن أن تضع حدًا للحرب وتجلب مكاسب استراتيجية للولايات المتحدة وأوكرانيا على حد سواء. إحدى أبرز هذه المبادرات كانت صفقة المعادن الأرضية النادرة، التي كانت ستفتح الباب أمام تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتحقيق مكاسب استراتيجية للطرفين. لكن بدلًا من التقاط هذه الفرصة، أصر زيلينسكي على اتباع أجندة خطيرة، متأثرًا بقادة أوروبيين لم يقدموا لأوكرانيا سوى وعود جوفاء، بينما يتركون لأميركا عبء تمويل هذه الحرب بلا نهاية.

هؤلاء القادة الأوروبيون، الذين يسخرون من دعوات ترامب والسيناتور جي دي فانس لزيادة ميزانيات الدفاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، هم أنفسهم الذين يدفعون أوكرانيا نحو هاوية لا قاع لها. يريدون استمرار القتال، لكنهم غير مستعدين لتحمل التكاليف أو اتخاذ قرارات مصيرية. بدلًا من ذلك، يتوقعون أن تواصل أميركا تمويل حرب لا تبدو لها نهاية.

الأميركيون يرون الحقيقة.. وترامب يضع النقاط على الحروف
في واشنطن، لم يعد الشعب الأميركي مخدوعًا. الأميركيون يرون بوضوح أن ترامب لا يسعى إلى استمرار الصراع، بل يريد إنهاءه بشروط تضمن الأمن والاستقرار، بدلًا من إدامته لصالح نخب سياسية ترفض مواجهة الواقع.

وكما قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز:
"يحاول الرئيس ترامب تحقيق السلام، وكانت هذه الصفقة الاقتصادية جزءًا من الحل. لكن بدلاً من التعاون، دخل زيلينسكي إلى المكتب البيضاوي ليقلل من شأن التضحيات الأميركية ويتجاهل الجهود المبذولة لإنهاء الحرب".

ترامب لا يتحدث بلغة المجاملات. هو يضع أمام زيلينسكي خيارًا واضحًا: إما القبول بفرصة السلام، أو الاستمرار في مقامرة خطيرة بمستقبل أوكرانيا والعالم بأسره.

الوقت ينفد.. وزيلينسكي أمام لحظة الحقيقة
كل يوم يمر، يسقط المزيد من القتلى، وتستنزف المزيد من الموارد، ويتعمق الانقسام بين أوكرانيا وحلفائها. لكن المشكلة الحقيقية ليست في الميدان، بل في الطاولة الدبلوماسية التي يتجنبها زيلينسكي خوفًا من مواجهة الواقع.

في الوقت نفسه، فإن استمرار الحرب يدفع روسيا إلى تحالفات أكثر عمقًا مع الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهو تحول استراتيجي يهدد بإعادة تشكيل النظام العالمي بالكامل. ومع تصاعد الضغوط على أوروبا، فإن دعم الحرب الأوكرانية لن يكون مستدامًا لفترة أطول، خاصة عندما يكتشف دافعو الضرائب الأوروبيون أنهم يمولون صراعًا لا يخدم سوى نخبهم السياسية.

السؤال الآن ليس ما إذا كانت الحرب ستنتهي، بل كيف ومتى. والخيار أمام زيلينسكي بات واضحًا: هل يضع غروره جانبًا، ويقبل بالحل الذي يمكن أن ينقذ بلاده، أم أنه سيواصل المراهنة على دعم لن يستمر إلى الأبد؟

هذا ليس مجرد اختبار لزيلينسكي، بل لأوروبا وأميركا والعالم بأسره. اللحظة الحاسمة قد تكون الآن.. فهل يلتقطها؟

القائد ديمتريز غرايمز هو قائد سابق في البحرية الأميركية، وطيار، ودبلوماسي حائز على أوسمة قتالية. شغل منصب ملحق البحرية الأميركية لدى إسرائيل واليونان، ونائب قائد القاعدة الأميركية في جزيرة كريت، وزميل تنفيذي في وزارة الدفاع، ومستشار قائد القوات البحرية لحلف الناتو في لندن لشؤون روسيا وأوكرانيا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف