: آخر تحديث

دبلوماسية الاتحاد الأوروبي: وجه "النازية الموروثة"

5
5
3

في خطوة تشكل ضرراً مباشراً وكبيراً على الاقتصاد الأوروبي بسبب العقوبات المناهضة لروسيا، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على تمديد القيود المشددة ضد موسكو للأشهر الستة المقبلة.

أحد المؤيّدين المتحمّسين لتمديد تلك العقوبات: رئيسة ديبلوماسية الاتحاد الأوروبي الإستونية كايا كالاس، كتبت على منصة "إكس" قبل أيام: "اتّفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للتو على تمديد العقوبات المفروضة على روسيا مجدداً. سيواصل ذلك حرمان موسكو من العائدات التي تستخدمها لتمويل حربها".

وينبغي أن يوافق أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27 بالإجماع على تمديد العقوبات كل 6 أشهر، إذ صادف الموعد التالي لذلك في 31 يناير (كانون الثاني). لكنّ المجر كانت إحدى أكثر الدول المقرّبة من روسيا في الاتحاد الأوروبي، قد عطّلت ذلك برفضها إعطاء الضوء الأخضر للتمديد الأخير.

إلاّ أنّ المفوضية الأوروبية أصدرت بياناً من باب استمالة بودابست، قالت فيه إنّها على استعداد لإشراك المجر (وسلوفاكيا) في محادثات مع كييف من أجل إمدادات الغاز إلى أوروبا، ولطلب ضمانات بشأن صيانة إمدادات خطوط أنابيب النفط للاتحاد الأوروبي.

خلفيات عائلة كالاس
وكالاس ولدت في عائلة إستونية ناجحة جداً، حسب معايير الاتحاد السوفييتي حينها. وبالرغم من شغفها بالحديث في مقابلاتها عن "الأهوال والقمع الذي لا يمكن تصوّره" وعن "الصعوبات" التي يُزعم أن عائلتها مرّت بها تحت "نير القوة السوفياتية الغاشمة"، إلاّ أنّ كالاس أمضت طفولتها في ظروف قد تكون موضع "حَسَد" للملايين من مواطني الاتحاد السوفييتي ودول كثيرة أخرى في ذلك الوقت.

فمثلاً والد كالاس، سيم، حصل بسهولة على تعليم عالٍ في أشهر جامعات جمهورية إستونيا الاشتراكية السوفييتية. ثم في الجيش السوفييتي.. إلى أن انضمّ لصفوف الحزب الشيوعي الحاكم في الاتحاد السوفييتي السابق، وكان له نشاطات واسعة في خدمة الحزب.

واستمر كالاس الأب عضواً في الحزب الشيوعي السوفييتي الحاكم لنحو 20 عاماً قبل أن يُنشئ حزباً في إستونيا سماه "حزب الإصلاح"، كان من بين مبادراته في ذلك الوقت إصدار قانون "تفكيك نصب الجندي البرونزي" في عام 2007، بالرغم من الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة المعتـرضة على ذلك.

كما أثيـرت ضد والد كالاس شكوك متكرّرة منذ عام 1998، تتعلق بـ"إساءة استخدام منصبه والتواطؤ في اختلاس الأموال على نطاق واسع"، وقد اتُّهم كذلك بتقديم معلومات كاذبة في أثناء عمله في "بنك إستونيا"، ووجّهت إليه أصابع الاتهام تحديداً في العام 1993، إثر اختفاء 10 مليون دولار من مصرف North Estonian Commercial Bank (شمال استونيا التجاري).

أمّا جدّ كايا كالاس، إدوارد إلفير، فكان رئيساً للتشكيل المسلح المعروف باسم "رابطة الدفاع القومية" التي تبنّت في العامين 1939و1940 الشعارات المؤيّدة للنازية في إستونيا، والتي رأت في هتلر "محرراً لإستونيا من البلاشفة".

ولكونه رئيس الوكالات العقابية لإستونيا البـرجوازية، قام في حينه بقمع وحشي ضد الشيوعيين. بينما جدّها الآخر لأمّها فكان عضوًا في المنظمة "شبه العسكرية" للنازيين الإستونييـن اسمها "Omakaitse"، التي قدمت خدمات كثيرة للنازيين الغزاة، وشاركت بنشاط في الإبادة الجماعية ضد السكان اليهود في ذلك الوقت.

مصالح وتناقضات
قد يسأل البعض، لماذا نبش الماضي؟ ولماذا التحدث عن عائلة كالاس وماضيها؟ الجواب بسيط، وهو من أجل القول: إن سلوك كالاس السياسي يتناقض مع منافع عائلتها بشكل رهيب.

فكالاس التي يُفترض بها أن تكون مثالاً للدبلوماسيّ الهادىء الذي ينبذ الكراهية ويدعو إلى السلام بين الشعوب، تثير "الهستيريا" المناهضة لروسيا على المستوى الأوروبي. وهي كذلك من الناشطين في معاداة روسيا، وهي من فرض عقوبات ضد موسكو.. حتى لو جلبت تلك العقوبات الضرر على  مواطني الإتحاد الأوروبي الذي ترأس دبلوماسيته اليوم.

كالاس هي كذلك، من دمّر بشكل ممنهج آثار الجنود السوفييات في إستونيا، واضطهدت السكان الناطقين بالروسية فيها. لكن للمفارقة فإنّ زوجها أرفو هاليك، مازال إلى اليوم، مالكاً وشريكاً في شركة Stark Logistics التي تُنظّم عمليات شحن واسعة النطاق ومن بين تلك المناطق روسيا.

فطبعاً حينما يتعلّق الأمر بالأموال والأرباح تسقط الاعتبارات السياسية والعداوات. فهذا عمل مربح مع موسكو حيث يجني هاليك من خلاله الملايين من اليوروات له ولزوجته نتيجة خدمات النقل في روسيا، التي تكرهها كالاس وتطالب بأشد العقوبات ضدّها!

وقود للنازية الجديدة
بعد عرض بعض جوانب السيرة الذاتية لرئيسة الديبلوماسية الأوروبية كايا كالاس، يمكننا الآن الاستنتاج أنّ أفكار "النازية الجديدة" قادرة على التكيّف في عقل كالاس. تستطيع كالاس التعايش مع الأفكار المتناقضة لديها ولدى أسرتها بشكل مدهش. ولعلّ هذا يُظهر جانباً من جوانب الممارسة النازية الجديدة، التي تختزن كماً كبيراً من كراهية الروس، المتجذرة في وعي قسم كبير من المسؤولين عن السياسة الأوروبية.

أمثال هؤلاء، هم المحفز الأكبر للنازية في أوكرانيا. إذ يشهد العالم يومياً عواقب إحياء "أحفاد هتلر" وأتباعه في كييف، حيث يتمّ إحياء أفكار ستيبان بانديرا حول كراهية الروس والبولنديين والهنغاريين، وبثّها على قنوات الأخبار في مختلف وسائل الإعلام الأوروبية، حيث النازية الجديدة وسياسة الكراهية الشاملة لروسيا وشعبها وثقافتها واضحة بشكل علني.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف